الخميس، 4 سبتمبر 2014

بقلم جعفر عبد الكريم صالح

إدمان الكحول مشكلة خطيرة تعاني منها اغلب دول العالم، وكما يقول بعض الخبراء أشد تأثيراً من المخدرات حسب عدد الإصابات وحسب الكلفة الاقتصادية الكلية، وأضراره صحية اجتماعية اقتصادية وامنية كبيرة حيث يعد إدمان الكحول سببا مهما في خراب المجتمع وانتشار العنف والجريمة والتشرد فضلا عن انه قد يكون سببا في الموت المفاجىء. لذا فقد سعت العديد من الحكومات الى اتخاذ بعض القوانين والخطط الخاصة التي تهدف الى محاربة هذه المشكلة او الحد منها.
ومصطلح إدمان الكحول وكما تشير بعض المصادر يطلق على الحالة الناتجة عن استهلاك الكحول الإيتيلي بغض النظر عن المشاكل الصحية والعواقب الاجتماعية السلبية التي يسببها. التعريف الطبي لإدمان الكحول يعرفه على أنه مرض ناتج عن الاستخدام المستمر للكحول على الرغم من العواقب السلبية التي يحدثها وهو أحد أنواع الإدمان، وقد ظهر مصطلح الكحولية منذ 200 عام والشيء المميز لها عدم قدرة المدمن في مراحلها النهائية من التوقف عن الشرب من أول كأس يشربها وقد حذر بعض الباحثين الأوربيين من أن الكحولية مرض دائم لا يشفى ويجب المحافظة على الامتناع الكلي حتى لا يقع الشخص في منزلق الشرب غير المسيطر عليه مرة أخرى ومما حذروا منه البيرة منزوعة الكحول لأن نسبة الواحد بالألف التي تبقى بها قد تكون كافية لتحريك شهية الكحولي للعودة للشرب مرة أخرى.
وتقدر كلفة سوء استعمال الكحول والكحولية من حيث نقص الإنتاجية ونفقات العلاج في الولايات المتحدة بحوالي 100 مليار دولار سنوياً وهنالك مشكلة إضافية تتعلق بإنكار الشخص الكحولي لحاجته للعلاج، وهو أمر خطير فالكحولية في الولايات المتحدة تعد القاتل رقم ثلاثة بعد أمراض القلب والسرطان، ولو أضيف إليها رقم وفيات حوادث الطرق التي تنجم عن الكحول وما يدون في شهادات الوفاة سنجد أن الكحول هو القاتل رقم واحد في الولايات المتحدة.
وقد اثبتت الدراسات أن سوء إستخدام الكحول ينطبق على من يشرب أكثر من ثلاث وحدات من الكحول يوميا للرجال بحد أقصى واحد و عشرون وحدة أسبوعياً أو وحدتين من الكحول يوميا للنساء بحد أقصى أربعة عشر وحدة أسبوعياً . كما ينطبق التعريف أيضاً على من يشرب ثمان وحدات أو أكثر للرجال أو ستة وحدات أو أكثر للنساء فى مناسبة واحدة. وتعرف الوحدة من الكحول بحوالى زجاجة أو علبة من البيرة سعة 250 مل أو كأس من النبيذ سعة 125 مل أو كأس من الخمر كالويسكى سعة 25 مل.
إذ كثير من الشبان يظنون أنّ تناول الخمر سمة من سمات التقدم، لكن اللجوء إلى المشروبات الكحولية يفصح عن اضراره العضوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية كما أنه سمة من سمات  النفوس الضعيفة.
3.3 مليون
وفي هذا الشأن قالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من ثلاثة ملايين شخص ممن يتعاطون المشروبات الكحولية توفوا في 2012 لأسباب تتراوح من السرطان إلى العنف ودعت الحكومات إلى بذل المزيد من الجهد للحد من هذا الضرر. وقال اوليج شيستوف خبير الأمراض المزمنة والصحة العقلية بالمنظمة "يجب بذل المزيد من أجل حماية البشر من الاثار السلبية على الصحة لاستهلاك الكحوليات."
وأضاف قائلا "لا مجال للتهاون" محذرا من أن الافراط في تناول الكحوليات يقتل من الرجال أكثر مما يقتل من النساء ويعرض البشر لخطر الإصابة باكثر من 200 مرض وكان سببا في وفاة 3.3 مليون شخص في 2012 . وقال شيكار ساكسينا مدير ادارة الصحة العقلية وتعاطي المخدرات في منظمة الصحة العالمية إن الفقراء بشكل عام هم الأكثر تأثرا بالأضرار الاجتماعية والصحية للكحوليات. واضاف قائلا "هم غالبا يفتقدون الرعاية الصحية الجيدة ولا يجدون حماية كافية من عائلات فاعلة أو شبكات مجتمعية."
وغطى التقرير العالمي عن وضع الكحوليات والصحة 194 دولة وبحث استهلاك الكحوليات وتأثيرها على الصحة العامة وسياسات التعامل معها. وخلص التقرير إلى ان بعض الدول تشدد بالفعل الاجراءات لحماية الأفراد من الافراط في تعاطي الخمور. وتشمل هذه الاجراءات زيادة الضرائب على الكحوليات والحد من بيعها من خلال رفع سن الشراء وتنظيم السوق. بحسب رويترز.
وقالت المنظمة إن دولا كثيرة عليها اتخاذ خطوات مماثلة. كما يجب فعل المزيد من أجل زيادة التوعية بالأضرار التي يمكن أن تسببها الكحوليات لصحة الإنسان واجراء فحوص للاشخاص الذين ربما يحتاجون إلى تدخل مبكر أو التقليل من كميات التعاطي أو التوقف عنه نهائيا. وتستهلك أوروبا أكبر نسبة من الكحوليات للفرد. وفي بعض دولها بشكل خاص معدلات مرتفعة للتعاطي المضر.

الأحد، 24 أغسطس 2014

تقرير حركة جعفر الخابوري الا سلا ميه

كان الهدف على الدوام أن يكون سد الموصل رمزا لطموح كبير لدى العراق يخرج به من دوامة الفقر والتخلف، لكن السد الذي بلغت تكاليفه 1.5 مليار دولار ويقع شمالي المدينة لازمته من البداية مشاكل هندسية كبيرة والان ازداد الوضع سوءا بعد أن أصبح محور معركة بين مقاتلي الدولة الاسلامية من جانب والولايات المتحدة والقوات العراقية من جانب آخر، ورغم العيوب الهيكلية يعد السد مصدرا حيويا للمياه والكهرباء لمدينة الموصل أكبر مدن الشمال العراقي التي يعيش فيها 1.7 مليون نسمة.
ويعتبر سد الموصل أكبر سدود العراق إذ يبلغ طوله 3.6 كيلومتر وتولت بناؤه مجموعة شركات ألمانية ايطالية في الثمانينات، فمن يسيطر على السد يتحكم في "مفاتيح" المدينة. وإدراكا لذلك انتزع مقاتلو الدولة الاسلامية - الذين استولوا على مساحات كبيرة من أراضي العراق وسوريا وأعلنوا قيام دولة الخلافة - السيطرة على السد من القوات العراقية في الأسابيع الأخيرة، وتزايدت المخاوف من أن يلحق الجهاديون الضرر بالسد الذي يمكنه حجز أكثر من 11 مليار متر مكعب من المياه.
وفي حين أن القوات العراقية والكردية استعادت السيطرة على السد بمساعدة الضربات الجوية الامريكية فما زال احتمال الكارثة يخيم على السد الذي وصفه تقرير لسلاح المهندسين الامريكي بأنه "أخطر سد في العالم".
ويصور أسوأ السيناريوهات انهيارا كاملا للسد يمكن أن يطلق موجة عملاقة تغرق الموصل في مياه يتراوح ارتفاعها بين 25 و30 مترا وتقتل ما يصل إلى نصف مليون شخص. وربما يصل ارتفاع المياه في بغداد إلى خمسة أمتار.
وسيضع ذلك السد في مرتبة واحدة مع فيضان النهر الأصفر عام 1938 عندما فتح شيانغ كاي شيك السد لوقف تقدم اليابان في الصين في حادث قيل أنه أسفر عن مقتل ما بين 500 ألف و900 ألف شخص، ولم يتصور المهندسون الذين عملوا في مشروع السد أنه قد يصبح محور معركة بعد 30 عاما لكن المشاكل البنيوية ظلت قائمة طوال هذه الفترة.
فقد بني السد على أسس جيوليوجية خاطئة على مسافة تتراوح بين 45 و50 كيلومترا شمالي الموصل من بينها الجبس أو الجص وهو مادة رخوة ليست بالصلابة الكافية لتحمل ثقل السد، وقال شخص عمل مع شركة هوكتيف الألمانية التي قادت عملية بناء السد في الثمانينات "داخل هوكتيف كان السد يعتبر أسوأ ما بنته المجموعة على الاطلاق"، وأضاف هذا الشخص لرويترز في فرانكفورت طالبا عدم نشر اسمه "من الناحية الجيولوجية لا يعتبر الجص مادة صخرية. فهو مادة رسوبية ناعمة كالزبد. وبتعبير فيزيائي هو سائل لزج. التربة كلها تشبه الجبن السويسري"، وللتغلب على هذه المشكلة وضمان عدم انهيار السد يتعين حقنه على مدار الساعة في عملية يتم فيها ملء الفراغات التي تظهر في أساساته بالخرسانة.
ويقول ريتشارد كوفمان استاذ الهندسة المدنية المساعد بجامعة أركنسو الذي أجرى أبحاثا موسعة على السد إن الحقن يتم في العادة ستة أيام في الاسبوع على مدار 24 ساعة، ويضيف "إذا توقف برنامج الحقن اسبوعين فسنبدأ في مشاهدة المزيد من التفسخ في القاعدة الصخرية... ومن المحتمل أن يؤدي ذلك لاضعاف السد تماما وقد تنطلق المياه من الخزان"، وأضاف المياه قد تصل إلى الموصل في ثلاث ساعات ونصف الساعة.
وقال مهندس إنشاءات يعمل بفريق الحقن إن عملية الحقن توقفت قبل ثلاثة أيام وإنه غادر السد خوفا على حياته، وأضاف "بالقطع يحتاج السد لحقن شبه يومي لضمان بقاء الأساسات سليمة ومستقرة"، وتابع أن قوات الأمن حثت المهندسين على استئناف الحقن لكنهم رفضوا إلا إذا "تحسن الوضع وأصبحت سلامتنا مضمونة تماما".
ضغط المياه
وقال المهندس إن الأسمنت الذي يستخدمونه من نوع رديء وإن "مرور أسبوع آخر دون أعمال حقن سيعرض السد للخطر ويدفعه للانهيار تحت ضغط المياه"، وبعد الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 زار مهندسو الجيش الامريكي الموقع لتقديم توصيات بشأن تحسين السد. وحفر المهندسون آلاف الفتحات وضخوا فيها خرسانة تحت ضغط لملء الشروخ.
وقال حسن الريزو ممثل العراق لدى الجمعية الدولية لعلوم المياه إن الضرر لن يكون ضرر الفيضان فحسب. بل إن العراق سيفقد أيضا احتياطياته الاستراتيجية من المياه اللازمة للري وتوليد الكهرباء، ورغم أن السد أصبح هذه الأيام ساحة لقتال عنيف فقد كانت المنطقة المحيطة بموقعه مقرا لالاف العمال الأجانب في ذروة أعمال البناء.
وأقيمت في الموقع بيوت فاخرة وأحواض للسباحة وملاعب للاسكواش وكرة القدم. وقال مهندس اسكتلندي عمل في المشروع بين عامي 1983 و1988 "كان لديك الكثير لتفعله عندما تأخذ يوم الراحة. كنا نلعب كرة القدم مع فريق جامعة الموصل"، وقال المهندس الذي يعيش في دبي لرويترز "لم يكن ينقصنا شيء فعلا. فقد كان كل شيء يجلب لنا من أوروبا" وأضاف أن صدام حسين زار المشروع.
ايطاليا الصغيرة
بل إن جوسيبي كاتاني الذي عمل مديرا ماليا لواحدة من الشركات العاملة في المشروع قال إن موقع بناء السد كان مدينة صغيرة. وأضاف "بل إن الناس من مناطق مختلفة كانوا يسمون أحياءهم (ايطاليا الصغيرة) و(باريس الصغيرة)"، وتابع "بالنسبة للعراقيين كان امتلاكهم واحدا من أكبر السدود في العالم مدعاة للفخر حقا"، وقد انقضت هذه الأيام بأحداثها منذ مدة طويلة، وقال اللواء هالجورد حكمت المتحدث باسم قوات البشمركة الكردية إن المتشددين زرعوا ألغاما ومتفجرات داخل السد، وأضاف "سنحميه. لدينا أسلحة متقدمة وثقيلة وهي الان رابضة على السد وقواتنا الخاصة هناك"، لكن الكلام عن حماية السد أسهل من الفعل نظرا لحجمه وموقعه، وقد رافق المستشار الأمني جون هوليس مهندسي الجيش الامريكي ومسؤولين حكوميين من الأكراد والعراقيين في زيارة السد أكثر من عشر مرات بين عامي 2004 و2006 لاجراء عمليات لتثبيته، وفي مرات كثيرة تعرضت قافلتهم لكمائن من قنابل مزروعة على جانبي الطريق إلى نيران الاسلحة الصغيرة من جانب مقاتلي القاعدة.
وقال هوليس لرويترز في دبي "إنها مساحة كبيرة للغاية وهي منطقة تأمينها في غاية الصعوبة بسبب طبيعة تكوينها الجغرافي"، وأضاف أن مقاتلي الدولة الاسلامية استطاعوا اجتياح المنطقة بسهولة لانها لم تكن تتمتع بالحماية الملائمة موضحا أن من الضروري وجود وحدة عسكرية كبيرة ودائمة مع مراقبة جوية لضمان أمن المنطقة، وقال "يمكنك أن تتوقع حدوث الشيء نفسه مرة أخرى... فعندما يعتقدون أن الوقت مناسب للهجوم سيهاجمون مرة أخرى".

الجمعة، 23 أغسطس 2013

قانون العمل الجديد... أسوأ قانون تشهده البحرين (5)

قانون العمل الجديد... أسوأ قانون تشهده البحرين (5)

  • علي محسن الورقاء
  • علي محسن الورقاء ... -
  • comments [at] alwasatnews.com

في تعليقنا على نصوص قانون العمل الجديد الصادر بالمرسوم بقانون رقم (36) لسنة 2012 بدأنا الحلقات السابقة بالإشارة إلى وجوب أن تتوافر في القائمين على إعداد مسودة القوانين أو تعديلها ثلاث مميزات: معرفة القاعدة القانونية من حيث الإحاطة بأبعادها وشروطها وكيفية صياغتها؛ والخبرة في مجال العمل المرتبط بالقانون المراد تعديله أو إصداره؛ ومعاصرة الواقع بالتوطن أو الإقامة الطويلة.
وقد وقفنا في الحلقات الماضية على بعض نصوص قانون العمل المذكور ورأينا كيف أن تلك النصوص مجحفة بحق الأجَراء، وكأن المشرِّع مال إلى جانب أصحاب الأعمال وأخذ موقفاً سلبياً نحو العمال على ضوء ما انتهينا إليه.
وفي هذه الحلقة (الخامسة) سنقف على جانب آخر من نصوص القانون المذكور، وذلك في جانب من الجزء المتعلق بالنساء العاملات لنثبت من خلاله مجدداً صحة مآخذنا على هذا القانون وعلى القائمين على إعداد مسودته، وذلك فيما يلي:
أولاً: تنص المادة رقم (30) من قانون العمل الجديد «يصدر الوزير قراراً بتحديد الأعمال والمناسبات التي لا يجوز فيها تشغيل النساء ليلاً». هذه المادة تقابلها المادة رقم (59) من قانون العمل القديم لسنة 1976 التي تنص على أنه «لا يجوز تشغيل النساء ليلاً.... ويستثنى من ذلك دور العلاج والمنشآت الأخرى التي يصدر بشأن العمل بها قرار من وزير العمل».
وبمقارنة النصين نلحظ أن قانون العمل القديم اعتبر حظر تشغيل النساء ليلاً هو الأصل، وأن ما يقرره وزير العمل بجواز تشغيلهن ليلاً في حالات معينة هو الاستثناء، ذلك لأن المشرِّع كان قد نظر إلى النساء العاملات نظرة خاصة فمنع تشغيلهن ليلاً من حيث الأصل نظراً لتكوين المرأة الجسماني والصحي من جانب، ونظراً للتقاليد الموروثة في المجتمعات الإسلامية التي تتجه إلى وضع ضمانات لحماية المرأة خلقياً وتربوياً من جهة أخرى. بينما قانون العمل الجديد قلب الصورة رأساً على عقب فجعل جواز تشغيل النساء ليلاً هو الأصل، وما يقرّره وزير العمل بمنع تشغيلهن في حالات معينة هو الاستثناء. وهذا الانقلاب في الصور له تداعيات خطيرة على النساء العاملات لم يفطن إليه المشرّعون الجدد بالتأكيد. ومن تداعيات هذا الانقلاب:
سيكون من الآن وصاعداً لأصحاب الأعمال الحق في تشغيل النساء العاملات ليلاً في كل الأعمال وفي كل الأماكن دون استثناء إلى أن يصدر وزير العمل قراراً يستثني فيه الأعمال والأماكن التي لا يجوز فيها تشغيلهن ليلاً.
ولذلك نلتمس العذر من السيدات العاملات إنْ قلنا لهن عليكن الانتظار طويلاً إلى حين صدور هذا القرار.
إذا افترضنا جدلاً أن وزير العمل أصدر القرار المنتظر بشكل عاجل، والذي سيحدد فيه الأعمال والأماكن التي لا يجوز فيها تشغيل النساء ليلاً استثناءً من الأصل، غير أنه من المعروف أن الاستثناء هو من حيث الكم أقل من الأصل، بمعنى أن النساء سيجبرن على العمل ليلاً في كل الأعمال وفي كل الأماكن إلاَّ القليل فيما يستثنى منها.
وحيث ان الاستثناء لا يقبل القياس ولا التشبيه إنما هو محصورٌ فيما حُصر فقط، فإنه والحال ذلك يلزم حصر الأعمال والأماكن المستثناة التي لا يجوز تشغيل النساء فيها ليلاً وتحديدها تحديداً دقيقاً ومتكاملاً ووافياً.
وهذا التحديد الدقيق والمتكامل والوافي هو من الصعوبة بمكان إدراكه أو حصره، بل من الصعوبة التنبؤ بثباته واستقراره في ظل ظروفٍ ومناخٍ مهني وصناعي مُعقَّد ومتقلب غير ثابت. وبالتالي فإن القرار الوزاري المنتظر صدوره في شأن تحديد الأعمال أو الأماكن التي لا يجوز تشغيل النساء فيها ليلاً سيكون قاصراً عن احتواء هذه الأعمال وهذه الأماكن إلاّ في منظور زمني قريب، وإنْ احتواها فإنها ستظل بالطبع في حدود دائرةٍ ضيقة، وسيبقى الأصل (تشغيل النساء ليلاً) في الدائرة الأكبر والأوسع، بخلاف لو أن حظر تشغيل النساء ليلاً كان هو الأصل - على نحو ما كان عليه قانون العمل القديم - فإن الاستثناء بتشغيل النساء ليلاً سيبقى بالتأكيد في حدود دائرته الضيقة.
وعليه نخلص إلى أن قانون العمل الجديد حيث قلب الصورة على نحو ما تقدّم، فإن هذا الانقلاب سيرتد على النساء العاملات بضرر اجتماعي وجسدي لا تحمد عقباه.
ثانياً: جاء في المادة رقم (32) من قانون العمل الجديد لسنة 2012 على:
أ - «تحصل العاملة على إجازة وضع مدفوعة الأجر مدتها ستون يوماً، تشمل المدة التي تسبق الوضع والتي تليه...، ويجوز أن تحصل على إجازة بدون أجر بمناسبة الوضع مدتها خمسة عشر يوماً علاوة على الإجازة السابقة».
ب - يحظر تشغيل العاملة خلال الأيام الأربعين التالية للوضع...».
والمتأمل إلى النص السابق بفقرتيه يُقدِّر أن المشرِّعين الجدد غير محيطين بأبعاد القاعدة القانونية وشروطها، وهذه إحدى الميزات التي أشرنا إليها في بداية الحلقة.
فالقاعدة القانونية هي إمّا أن تكون قاعدة قانونية آمرة تتعلق بالنظام العام لا يجوز مخالفتها مطلقاً أياً تكن الأسباب وإنْ برضى العامل وصاحب العمل معاً. وإما أن تكون غير ذلك، أي لا تتعلق بالنظام ويجوز مخالفتها بالتراضي.
ومن المسلم به أنه عندما يضع القانون قاعدة قانونية لا تتعلق بالنظام العام بحيث يجوز مخالفتها بالتراضي فإن هذه القاعدة لن تكون بذات قوة القاعدة القانونية المتعلقة بالنظام العام التي لا يجوز مخالفتها، وبفقدانها هذه القوة سوف لن تحمي الطرف الضعيف كالعامل مثلاً، إذ قد يرضخ العامل أو يُجبر على قبول مخالفتها قسراً.
بعد هذه المقدمة نعود إلى النص السابق، فنلحظ في الفقرة (أ) أن القانون وضع قاعدةً قانونيةً منح بموجبها المرأة العاملة إجازة وضع مدتها ستون يوماً، وفي الفقرة (ب) حَظَرَ القانون تشغيل المرأة العاملة خلال الأربعين يوماً من تاريخ ولادتها.
وهذا يعني أن قاعدة «حظر تشغيل المرأة خلال الأربعين يوماً من تاريخ ولادتها» قاعدة قانونية آمرة لا يجوز مخالفتها وإنْ برضى صاحب العمل والعاملة. أما بعد الأربعين يوماً تنقلب هذه القاعدة إلى قاعدة قانونية لا تتعلق بالنظام العام فيجوز مخالفتها. وهنا تكمن الخطورة على العاملة، إذ قد يضغط عليها صاحب العمل بطلب العودة إلى العمل بعد مضي مدة أربعين يوماً من تاريخ ولادتها، أي قبل عشرين يوماً من انتهاء مدة الإجازة المقررة قانوناً، فترجع مرغمةً، وإن قبلت بذلك من حيث الظاهر لكي ترضي صاحب العمل خشية ألاّ يتخذ ضدها موقفاً سلبياً لاحقاً، طالما لا توجد أمامه قاعدة قانونية آمرة تتعلق بالنظام العام تردعه أو تمنعه من الضغط عليها.
ومن ثم نخلص إلى القول إن الفقرة (ب) من المادة رقم (32) من قانون العمل الجديد سابقة الذكر ليست موفقة، من حيث أنها قد تشكل ضرراً بالغاً على العاملة بخسارتها ثلث إجازة الولادة المقرّرة لها قانوناً للأسباب التي أشرنا إليها، وللأسف أن يكون سبب هذه الخسارة عائداً لحكم القانون.
وهذا يعني أن قانون العمل الجديد بعد أن منح المرأة العاملة إجازة ولادة تزيد عمّا منحها قانون العمل القديم عاد وأخذ منها هذه الزيادة بطريقة قانونية، كالذي يُعطي باليد اليمنى ويسترجع ما أعطاه باليد اليسرى، وهذا هو منتهى الإجحاف.
ولنا لقاء متواصل في حلقات قادمة متتابعة، وسنخصص الحلقة القادمة للوقوف على بقية النصوص الخاصة بالنساء العاملات لنكتشف من خلالها المزيد من الإجحاف والحيف الواقعين على العمال والعاملات من قبل قانون العمل الجديد واعوجاج نصوصه شكلاً وصياغةً وتنظيماً، ولنثبت مجدداً أن هذا القانون هو أسوأ قانون عصري تشهد مملكة البحرين.
علي محسن الورقاء
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3813 - الخميس 14 فبراير 2013م الموافق 03 ربيع الثاني 1434هـ

تونس... فوضى السلطة وتمرد الشعب

تونس... فوضى السلطة وتمرد الشعب
 
شبكة النبأ: بعد مرور أكثر من عامين على توحد التونسيين للإطاحة بالرئيس المستبد الذي حكم البلاد لفترة طويلة تواجه البلاد الآن أسوأ ازمة سياسية منذ الانتفاضة التي أطلقت موجة من الاحتجاجات في أنحاء المنطقة.
حيث تموج بلاد الياسمين بالاضطرابات والانقسامات والصراعات حاليا على نحو مضطرد، بسبب تواصل التجاذب السياسي في هذه البلاد بين حركة النهضة الاسلامية ومعارضيها حول مصير الحكومة التي تقودها الحركة، واثر اغتيال نائب معارض ومقتل ثمانية عسكريين على الحدود مع الجزائر في حادثتين اججتا الازمة السياسية ورفعتا خطر التهديدات الامنية، لذا يشعر التونسيون في طرفي المواجهة التي تزداد استقطابا أنهم يقاتلون من أجل البقاء وبقلق جعل ردود الأفعال قوية على نحو خاص.
إذ تتعرض الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية المعتدلة لضغوط متزايدة بعد اغتيال المعارض العلماني محمد البراهمي، فيما تعزز موقف المعارضة الغاضبة بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي على أيدي الجيش موقفا صارما في الأيام القليلة الماضية، وترفض المعارضة الكثير من التنازلات واقتراحات تقاسم السلطة التي قدمها الائتلاف الحاكم بقيادة النهضة، إذ يخشى التونسيون العودة إلى الفوضى السياسية بعد عامين فقط من إجبار بن علي على الفرار خلال الانتفاضة التي أطلقت شرارة انتفاضات الربيع العربي في الشرق الأوسط.
لذا يرى أغلب المحللين السياسيين أن اصرار المعارضة التونسية التي قد تشكل حكومة انقاذ وطني واستمرار الاحتجاجات الشعبية ، فضلا على ما القته الاطاحة بمرسي والحكم الاسلامي في مصر  من اثار على المشهد السياسي في تونس فكما يبدو أن تكرار السيناريو المصري في بلاد الياسمين بات وشيكا.
في حين رأى محللون آخرون ان سيناريو تونس قد يختلف عن مصر كون نفوذ الاتحادات العمالية الرئيسية في تونس هو العمود الفقري لها وليس الجيش كما في مصر وهو ما يدفع الحكومة التي يقودها الإسلاميون لقبول مطالبة المعارضة لها بالاستقالة، وبعد ما حدث في مصر من عزل لرئيسها الإسلامي محمد مرسي بعد احتجاجات حاشدة مدعومة من الجيش خرجت المعارضة العلمانية في تونس مطالبة بحكومة جديدة، وانضم مواطنون عاديون ضاقوا ذرعا بتصاعد الاضطرابات والركود الاقتصادي إلى الوف من انصار المعارضة التونسية.
لكن بدا أن كل ذلك لم يدفع حزب النهضة الحاكم لتحريك ساكنا، وبعد ذلك خرجت الاتحادات العمالية التي كانت المعارضة تخطب ودها على مدى الأيام القليلة الماضية لتؤيد تشكيل حكومة كفاءات جديدة.
بينما يشير بعض المراقبين إلى ان قوات الأمن الداخلي يمكنها القيام بدور أكثر تأثيرا. وفي عهد بن علي كانت تونس دولة بوليسية تحظى فيها قوات وزارة الداخلية بنفوذ وسلطان لكنها الآن منقسمة مثلها مثل بقية الشعب.
فكما يبدو ان تلك المواقف آنفة الذكر حدت من مخاوف النهضة وزاد من استعدادها لتقبل احتمال تشكيل حكومة جديدة، بينما يرى محللون آخرون أن نقص الخبرة في الحكم وإدارة الشأن العام فاقمت من حدة الأزمة ايضا، وعليه مازالت عدم الثقة تخيم على المناخ السياسي في تونس بسبب الصراع بين الإسلاميين ومعارضيهم في وقت يعتقد فيه كل طرف أن الآخر يستغل القواعد الديمقراطية للإطاحة به.
الاحتجاجات والحواجز في تونس تعبر عن انقسام أعمق في المجتمع
في سياق متصل الأعلام التونسية الحمراء التي يلوحون بها واحدة لكن الانقسام بين المحتجين من المعارضة والمتظاهرين المؤيدين للحكومة في الساحة الرئيسية في العاصمة التونسية أوسع بكثير من المسافة بين الحواجز التي وضعت هناك لتفصل بين الفريقين.
وتتردد عبارات إتهام مثل "انهم خونة.. انهم مرتزقة" في ساحة باردو حيث احتشد الآلاف عند الغروب في الأيام القليلة الماضية، ومع تزايد عدد الناس في الميدان بشكل مطرد يزداد موقف المعارضة العلمانية وأنصار الحكومة التي يقودها الإسلاميون تشددا، وتقول المعارضة التي أغضبها ثاني اغتيال لأحد زعمائها وشجعها الإطاحة بالرئيس الإسلامي في مصر بدعم من الجيش إنها لن تقبل بأقل من سقوط القيادة الانتقالية الجديدة، ويتهم أنصار حركة النهضة الحاكمة -وهي حزب إسلامي معتدل- المعارضة بالسعي لتدمير الدولة بسبب العداء للإسلاميين الذين صعدوا عبر انتخابات ديمقراطية.
وبالإضافة إلى الاضطرابات في الشوارع فإن عملية الانتقال الديمقراطي الهشة في تونس والتي تديرها الجمعية التأسيسية المؤقتة مهددة. وتقول الجمعية إنها امامها أسابيع قليلة للانتهاء من وضع أول مسودة للدستور، وهتفت رجاء حداد التي تلفحت بالعلم التونسي وسط المحتجين العلمانيين قائلة "يجب حل هذه الجمعية ودستورها لأنهم ليسوا حكومة..انهم إرهابيون"، ومضت تقول "زمنهم ولى والناس فاض بها الكيل. نحن مستعدون لأي سيناريو سواء كان احتجاجات أو حربا"، وخلافا للوضع في مصر حيث يوجد أنصار الرئيس المعزول في منطقة بينما يوجد معارضوه في مكان آخر فإن الفصيلين المتعارضين في تونس يمكن أن يكونا على مسافة أقرب، ومنذ أن بدأت المظاهرات يوم الجمعة تزايدت الأعداد من مئات قليلة إلى بضعة آلاف بل وبلغ عدد المحتجين المعارضين 20 ألفا.
والاحتجاجات سلمية إلى حد كبير حتى الآن باستثناء حالات قليلة للتراشق بين الجانبين وتدخلت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع في وقت سابق هذا الأسبوع، لكن الغضب يعتمل تحت السطح منذ يوم الخميس عندما قتل المعارض محمد البراهمي بالرصاص بعد ستة أشهر فقط من اغتيال السياسي شكري بلعيد زميل البراهمي بالرصاص أيضا. وتلقي الحكومة باللائمة على المتشددين السلفيين، وتقول المعارضة إنه بصرف النظر عمن يقف وراء الهجمات إلا أنها خطأ حركة النهضة. وتشعر أن الحزب أوجد إحساسا بالإفلات من العقاب بين الإسلاميين المتشددين، وقالت مونيكا ماركس وهي محللة تقيم في تونس إن بمقدور القادة المساعدة في تخفيف التوترات باستخدام خطاب أكثر هدوءا وخصوصا في المعارضة. وتابعت قائلة "إنهم بدلا من ذلك يتجهون إلى الهجوم بضراوة"، ورفضت أسرة البراهمي السماح للنهضة بإرسال مندوبين لحضور الجنازة، وفي الجنازة التي حضرها آلاف التونسيين قال أحمد الصادق زميل البراهمي "بعد أن دفنا البراهمي نحتاج الآن إلى دفن حكومة النهضة"، وتفجر العنف في عدة مرات سابقة منذ أن أطيح بزين العابدين بن علي.
لكن اعتبرت مرحلة ما بعد الإطاحة ببن علي واحدة من بعض القصص القليلة الأكثر نجاحا في انتفاضة عربية أفسدتها الحرب الأهلية السورية وإطاحة الجيش المصري بالرئيس المنتخب ديمقراطيا والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وهي خطوة أدت إلى احتجاجات عنيفة، وعرضت حركة النهضة بعض التنازلات - وتقول إنها منفتحة لتشكيل حكومة جديدة. لكنها ترفض حل الجمعية التأسيسية. وبالنسبة للمعارضة فهذا ليس كافيا، تساءل محمد بلعاطي وهو عاطل عن العمل عمره 26 عاما بين المحتجين "هذا ليس تصلبا لكنه قرف. لماذا نقبل تنازلات أخرى إذا لم توقف التنازلات الأخيرة الاغتيالات؟"، وعلى مقربة كان مؤيدو النهضة غاضبين أيضا. وهتفوا قائلين "احترام الشرعية واجب"، ويتذكر العلمانيون سلسلة من الهجمات شنها سلفيون على دور للسينما والمسرح ومتاجر لبيع المشروبات الكحولية ويلقون بالمسؤولية على حركة النهضة، ويراقب الإسلاميون الذين تعرضوا للاضطهاد في عهد بن علي بانزعاج الحملة على الإسلاميين في مصر. بحسب رويترز.
وقالت منية الحاج (44 عاما) التي ترتدي غطاء رأس أبيض "كنت سجينة سياسية في عهد بن علي. تعرضت للتعذيب وأرفض أن أعود للعيش تحت القمع والإذلال"، ومضت تقول "إذا كانوا يريدون التغيير فليذهبوا إلى صناديق الاقتراع. لا نزال نقدم تنازلات لكنهم ضد وجودنا بشكل مطلق. لا نريد إراقة الدماء لكننا مستعدون للموت في سبيل العدالة"، ويكافح التونسيون للإجابة على سؤال تواجهه كثير من النظم الديمقراطية الوليدة في المنطقة: كيف يمكن للدول التي تمر بمرحلة انتقالية أن تحترم الانتخابات وتستجيب للسكان الذين يتعجلون التقدم ويخشون العودة مرة أخرى إلى القمع؟، ويقول محتجون علمانيون مثل بلعاطي إن الإجابة واضحة: "الديمقراطية لا تقتصر على الصناديق وإنما تعني الإرادة الشعبية. إرادة الشعب التونسي تغيرت. حركتنا لا تخاطر بإحداث أزمة. الأزمة موجودة بالفعل"، لكن ماركس ترى أن التونسيين يجب أن يخشوا على تقويض استقرار حكومتهم الجديدة بينما هي قريبة جدا من الانتهاء من وضع دستور جديد وبعد تحديد موعد مبدئي لانتخابات جديدة هو 17 ديسمبر كانون الأول، ومضت تقول "التونسيون ليس لديهم قائمة بانتهاكات مروعة ترتكبها الدولة.. لا يوجد مبرر كاف لإلغاء المؤسسات الانتقالية".
وانكب أعضاء الجمعية التأسيسية على دراسة عشرات المواثيق الوطنية والتقوا خبراء على مدى شهور لوضع مسودة دستور. ويقول مراقبون دوليون إنه لا توجد اعتراضات رئيسية ولا يرون علامات على تشدد إسلامي في مسودة الدستور بالرغم من انتقادات المعارضة، وربما ان بعض التونسيين يشعرون بالصدمة للفوضى التي يمكن ان تواكب الديمقراطية وطول الفترة التي قد يستغرقها بناء توافق. وهم كانوا تلقوا وعودا بدستور جديد خلال عام. وتأخرت الجمعية ثمانية أشهر عن موعدها.
وقالت ماركس "العملية جديدة عليهم لم يروا قط عن قرب كيف تعمل الديمقراطية... مشاهدة العملية شيء مزعج لهم ومتعب للسياسيين الذين يمارسونها أيضا"، ومنذ الانتفاضة نال التونسيون سمعة طيبة منذ الانتفاضة لتراجعهم عن شفا الاضطرابات. وقد يفعلون ذلك مرة أخرى. وبالرغم من أن المتظاهرين من الجانبين يرددون شعارات غاضبة إلا أنهم يمرون أمام المعسكر الآخر غير خائفين من الهجوم، وفي المعارضة يوجد بعض المتدينين من ذوي اللحى الطويلة ونساء محجبات يرددون هتافات معهم. وفي مخيم حركة النهضة هناك بعض السافرات اللاتي يضعن العلم التونسي على أكتافهن العارية، وقالت هاجر وهي طالبة عمرها 27 عاما بينما كانت تراقب مخيم احتجاج حركة النهضة من خلف الحاجز وهي تضحك "نعم.. نحن في أزمة، "لا أحب هؤلاء الناس وأريد أن أسحق حكومتهم. لكننا جميعا تونسيون. وسنتوحد مرة أخرى".
النقابات وليس الجيش قد تكون الحليف الحاسم للمعارضة التونسية
على الصعيد نفسه قال حزب النهضة -وهو حزب إسلامي معتدل- إنه على استعداد لبحث هذا الأمر، في مصر حدد النفوذ العسكري مصير حكومة الإسلاميين لكن في تونس قد يتضح أن نفوذ الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم 600 ألف عضو هو عامل الحسم. فإضراب يوم واحد يمكن ان يكلف البلاد مئات الملايين من الدولارات، وقال الناشط السياسي المعارض سفيان الشورابي "الاتحاد العام التونسي للشغل قوة قادرة على التأثير على الشارع ويمكنه الإطاحة بالحكومة"، وأضاف أن الاتحاد العام التونسي للشغل يمكنه تغيير ترتيب الأوراق السياسية بسبب قوته العددية ووزنه السياسي والاقتصادي ويمكنه القيام بالدور الذي لا يستطيع الجيش القيام به وكان الاتحاد الذي يمثل العاملين في مختلف مجالات الاقتصاد في القطاعين العام والخاص لاعبا مهما على الساحة السياسية منذ ان بدأ احتجاجات في الاقاليم في عام 2011 وساهم ذلك في إجبار زين العابدين بن علي -الرئيس وقتها- على ترك السلطة في خطوة أشعلت شرارة الانتفاضات في المنطقة.
وقدر الاقتصاديون تكلفة إضراب ليوم واحد دعا إليه الاتحاد احتجاجا على اغتيال المعارض اليساري محمد البراهمي بنحو 422 مليون دولار، وقال الخبير الاقتصادي معز الجودي لصحيفة الصباح التونسية إن الإضراب دفع سوق الاسهم للهبوط ونزل بقيمة الدينار التونسي إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق أمام الدولار واليورو، ومثل هذا التأثير يمنح الاتحاد نفوذا قويا للقيام بدور في بلد يعاني ركودا اقتصاديا وارتفاعا في معدلات البطالة وهي مشكلات تزيد من الاستياء من الحكومة، والاتحاد كيان عمالي يساري قريب فكريا بالفعل من المعارضة العلمانية في مصر التي قوي موقفها منذ تدخل الجيش المصري أثناء مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة وأعلن عزل مرسي.
كان البراهمي ثاني معارض تونسي يقتل هذا العام وتلقى المسؤولية في قتله على نشطاء إسلاميين. وبعد مقتله زاد التأييد لموقف المعارضة، وقد يكون الجيش التونسي لعب دورا في الإطاحة بابن علي برفضه إطلاق النار على المتظاهرين لكنه يظل ضعيفا سياسيا على عكس الجيش المصري الذي ساعد المتظاهرين على الإطاحة بحسني مبارك عام 2011، فجيش تونس ليس أمامه خيوط تذكر يمكنه جذبها كما انه على عكس الجيش المصري لا يتمتع بمزايا اقتصادية يسعى لحمايتها. بحسب رويترز.
وقال مصدر مقرب من المؤسسة العسكرية "الجيش التونسي محايد ولن يتدخل... ليس له تقاليد في لعب دور سياسي"، وينفي أغلب قادة المعارضة في أحاديثهم العلنية أنهم يريدون تدخلا عسكريا لكن انصارهم لا يخفون رغبتهم في تكرار "السيناريو المصري".
وكان نشطاء شبان قد قلدوا حملة تمرد المصرية بتوزيع استمارات تطالب الحكومة بالاستقالة. وتقول حركتهم التي أطلق عليها أيضا اسم (تمرد) انها جمعت أكثر من 200 ألف توقيع، لكن حزب النهضة الذي انتخب بنسبة 42 بالمئة من الأصوات في أكتوبر تشرين الأول عام 2011 مازال قوة يعتد بها، ولا يتضح من المواجهات في الشوارع ما إذا كان بامكان المعارضة إجبار النهضة على قبول مطالبها بحل لا الحكومة فقط بل ولجنة صياغة الدستور المقرر أن تستكمل وضع مسودة دستور جديد للبلاد خلال بضعة أسابيع.
وقال المحلل التونسي يوسف الوسلاتي "وزارة الداخلية تعاني انقساما. بعض الأقسام فيها في أيدي النهضة وأخرى تابعة للنظام السابق"، وأضاف "لا أعتقد أن لوزارة الداخلية أي دور محدد ولا الجيش أيضا. اقصى ما يمكن أن يفعلاه عدم قمع المظاهرات"، ومع ذلك تقول مصادر قريبة من المعارضة إن القادة الذين يحاولون تشكيل "حكومة انقاذ" موازية يقترحون اسماء عسكرية مثل رشيد عمار القائد السابق للجيش ووزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي.
لكن الكيان المرجح ان تستفيد منه المعارضة بدرجة أكبر هو الاتحاد العام التونسي للشغل. والتاريخ يثبت أن النقابات العمالية قوة مؤثرة ولعب الاتحاد العام للشغل دورا بارزا في مقاومة الاحتلال الفرنسي قبل إعلان الاستقلال في خمسينات القرن الماضي، وقال سامي الطاهري مساعد الأمين العام للاتحاد للصحفيين يوم الإثنين "نحن منظمة وطنية دورها انقاذ البلاد"، ولمح الاتحاد إلى انه قد يدرس تنظيم المزيد من الاضرابات إذا لم يتحسن الوضع السياسي لكنه يحاول في الوقت ذاته ان يصنع لنفسه دورا أكثر قدرة على توحيد الصف، وقد رفض دعوات المعارضة لحل المجلس التأسيسي إدراكا فيما يبدو لقلق البعض من ان يكون لذلك اثر سلبي وأن يطيل أمد مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية، وقال الشورابي "الاتحاد يمكن أن يساهم في إيجاد مخرج توافقي بين المعارضة والحكومة يكفل استمرارية الدولة ويحقق في نفس الوقت مطالب الغاضبين."
حركة النهضة التونسية متسمكة بالعريض رئيسا للوزراء
من جهته قال زعيم حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في تونس ان الحركة متمسكة بعلي العريض رئيسا للوزراء رافضا مطالب المعارضة بتعيين شخصية مستقلة في المنصب في خطوة قد تطيل الازمة السياسية التي تهز تونس منذ اغتيال المعارض محمد البراهمي، وقال راشد الغنوشي للصحفيين عقب لقاء مع الرئيس المنصف المرزوقي "نحن منفتحون على وفاقات جديدة.. ومتمسكون بعلي العريض رئيسا للحكومة"، وقد قالت حركة النهضة التي تقود الحكومة انها منفتحة على حكومة وحدة وطنية للمساعدة في الخروج من الازمة، وتطالب المعارضة العلمانية بحكومة انقاذ وطني يكون رئيس الوزراء فيها شخصية مستقلة.
واستقال وزير التعليم وهدد وزراء آخرون بالاستقالة. كما هدد حزب التكتل وهو حزب علماني بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا لم تشكل حكومة وحدة وطنية، وأبدى أنصار النهضة مرونة في الجدل بشأن الحكومة لكنهم يعارضون بشدة مطلب المعارضة الثاني بحل المجلس التأسيسي، وقال الغنوشي لاذاعة موزاييك المحلية إن المجلس التأسيسي خط أحمر داعيا الأعضاء المنسحبين للعودة إلى عملهم وإكمال الدستور.
وبعد أسبوع من اندلاع الازمة بلغت المشاروات السياسية ذروتها حيث التقى رئيس الوزراء بحسين العباسي الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الذي طرح عليه مبادرة الاتحاد للخروج من الازمة، وتنص مبادرة الاتحاد على حل الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات وتحديد موعد للانتهاء من كتابة الدستور، وقال خليل الزاوية وزير الشؤون الاجتماعية عقب المقابلة للصحفيين ان المقابلة انتهت بنبرة ايجابية وان الطرفين متفقان على ان المجلس التأسيسي يجب ان يستمر في عمله الى 23 اكتوبر تشرين الاول المقبل، كما التقى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي مع راشد الغنوشي زعيم النهضة ومية الجريبي الامينة العامة للحزب الجمهوري وممثل عن حركة تيار المحبة التي يرأسها الهاشمي الحامدي، وأطلق الحامدي حملة تحت شعار "بالانتخاب لا بالانقلاب" في اشارة الى رفضه لمحاولات حل المجلس التأسيسي ودعمه لشرعية الانتخابات.
وقال الحامدي "هذه الحملة ستساهم في اجهاض اي مخطط انقلابي في تونس وفي اقناع بعض الساسة المغامرين بانه لا سبيل لحكم تونس بعد الثورة الا بالتفويض الشعبي القانوني عبر صناديق الاقتراع"، ورغم ذلك يصعد الطرفان المواجهة بالدعوة إلى احتجاجات حاشدة في مطلع الأسبوع، واعتبرت تونس في السابق نموذجا للانتقال السياسي بين دول الربيع العربي المضطربة لكنها مهددة الآن بالانزلاق إلى الاضطراب السياسي. بحسب رويترز.
وقتل متشددون ثمانية جنود قبل نحو يومين في كمين قرب الحدود الجزائرية وانفجرت عبوتان ناسفتان بدائيتان في العاصمة تونس وهي المرة الأولى التي تشهد فيها العاصمة مثل هذه الهجمات رغم عدم وقوع إصابات، وبدأ النواب المستقيلون من المجلس التأسيسي اعتصاما خارج مقره ينضم إليهم في الليل آلاف المحتجين.
وتنضم أعداد كبيرة أيضا إلى احتجاج مؤيد للحكومة على الجانب الآخر من الميدان ولكنه أصغر من احتجاجات المعارضة، وانضم كثير من التونسيين إلى احتجاجات المعارضة بعد شعورهم بخيبة الأمل إزاء استمرار الضعف الاقتصادي وتزايد المشكلات الأمنية في البلاد، ويشعر آخرون بالغضب لتأخر الدستور ثمانية اشهر حتى الآن عن موعده بعدما وعدت الحكومة بالانتهاء منه خلال عام من تشكيل المجلس التأسيسي، ورفض الاتحاد العام التونسي للشغل حل المجلس التأسيسي صراحة واقترح بدلا من ذلك آلية لتسريع الجدول الزمني لإنجاز الدستور وقانون جديد للانتخابات.
ازمة سياسية وامنية في تونس التي تواجه خطر الارهاب
الى ذلك قصف الجيش التونسي بقذائف الهاون أماكن في جبل الشعانبي بولاية القصرين (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر، يشتبه بان "ارهابيين" قتلوا ثمانية عسكريين تونسيين يتحصنون فيها على ما افاد مراسل فرانس برس نقلا عن مصادر امنية، واندلع حريقان كبيران في الجبل بسبب القصف وفق المصدر نفسه، وترتبط تونس بحدود برية مشتركة مع الجزائر تمتد حوالى 1000 كلم، وتسلل "ارهابيون" عبر هذه الحدود مرارا الى تونس.
وقد قتلت مجموعة مسلحة في كمين ثمانية عسكريين تونسيين واستولت على اسلحتهم ولباسهم العسكري ومؤونتهم الغذائية بعدما ذبحت خمسة منهم بحسب ما نقل التلفزيون الرسمي عن مصدر قضائي، ودعت وزارة الدفاع التونسيين إلى "اليقظة"، وقالت في بيان ان "أمن تونس مسؤولية مشتركة يتقاسمها الجميع كل من موقعه وهو ما يدعونا الى ملازمة اليقظة والابتعاد عن حملات التشكيك والمزايدات والعمل على استثمار معاني الوطنية الصادقة ووضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار لانجاح الانتقال الديموقراطي ودعم مناعة تونس وعزتها وإعلاء شانها بين الأمم".
وأكدت الوزارة ان "المؤسسة العسكرية منذ انبعاثها ظلت ولا تزال مؤسسة جمهورية في جوهرها ومبادئها وعقيدتها وملتزمة بالحياد التام بعيدة عن التجاذبات السياسية وعلى نفس المسافة من كل الاحزاب السياسية. وقد مثل ذلك عاملا اساسيا في نجاحها في القيام بمهامها وفي ترسيخ مفهوم الدولة ومتطلبات المحافظة على استمراريتها رغم الاحداث التي عاشتها".
وشكرت الوزارة للتونسيين ما ابدوه من "مظاهر التضامن مع الجيش الوطني من طرف مختلف الشرائح الاجتماعية ومكونات المجتمع المدني اثر استشهاد ثمانية عسكريين في كمين نصبته مجموعة ارهابية بجبل الشعانبي"، واجج مقتل العسكريين الثمانية ازمة سياسية اندلعت اثر اغتيال النائب المعارض بالبرلمان محمد البراهمي (58 عاما) الذي قتل بالرصاص في 25 تموز/يوليو الحالي امام منزله في العاصمة تونس، ومنذ اغتيال البراهمي تطالب المعارضة العلمانية باستقالة الحكومة التي يراسها علي العريض القيادي في حركة النهضة، وبحل المجلس التاسيسي (البرلمان) وتشكيل حكومة "انقاذ وطني" تضم "مستقلين" لا يترشحون للاستحقاقات الانتخابية القادمة.
وتخرج كل ليلة في مناطق عدة بالبلاد تظاهرات ضد الحكومة وأخرى مؤيدة لها، ورفضت الحكومة وحركة النهضة مطالب المعارضة واقترحت "توسيع" الحكومة، وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تصريح لاذاعة "شمس إف إم" الخاصة "نحن مع الحوار والوحدة الوطنية والتوافق واعتبار المجلس الوطني التاسيسي خطا احمر باعتباره اصل الشرعية"، وليل الثلاثاء- الاربعاء انفجرت في مدينة المحمدية، 20 كلم جنوب العاصمة تونس، عبوة ناسفة محلية الصنع كانت تستهدف سيارة حرس (درك) دورية امنية بدون ان تسفر عن ضحايا او اضرار، وقال محمد الجوهري رئيس منطقة (مديرية) الحرس الوطني في المحمدية لاذاعة "شمس اف ام" الخاصة "انفجرت عبوة ناسفة تقليدية الصنع كانت تستهدف دورية للحرس الوطني على الطريق الرئيسية رقم 3 التي تربط بين (ولايتي) تونس وزغوان (شمال) على مستوى محطة الحافلات بالمحمدية"، واضاف ان "هذه الطريق معروفة بدوريات الحرس الوطني التي تعمل 24 ساعة على 24 ومستعملة كثيرا من دوريات الحرس، والجناة الذين فجروا العبوة يعرفون ذلك". بحسب فرانس برس.
وأوضح ان العبوة الناسفة زرعت قرب شجرة تبعد مترا ونصف متر عن الطريق وان الجناة الذين كانوا على بعد 70 مترا من الشجرة فجروا العبوة عن بعد لحظة مرور السيارة ولكن "لم تسجل خسائر بشرية او مادية" لانهم زرعوا العبوة "بطريقة خاطئة"، وهي المرة الثانية تنفجر فيها عبوة ناسفة في منطقة قريبة من العاصمة منذ اغتيال النائب المعارض بالبرلمان محمد البراهمي، ففي 27 تموز/يوليو فجر مجهولون عبوة ناسفة وضعوها تحت سيارة للحرس الوطني كانت متوقفة امام مركز الحرس البحري في مدينة حلق الوادي (شمال العاصمة) ما اسفر عن إلحاق اضرار بالسيارة التي لم يكن داخلها ركاب.
شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/آب/2013 - 27/رمضان/1434

ليبيا... اضطرابات ونزاع على سيف الإسلام القذافي

ليبيا... اضطرابات ونزاع على سيف الإسلام القذافي
 
شبكة النبأ: لن يحسم مصير سيف الإسلام القذافي أبرز السجناء في ليبيا إلا في بلدة الزنتان الصغيرة الجبلية حيث يتحفظ عليه محتجزوه منذ نحو عامين.. هذا من وجهة نظرهم.
كان سيف الإسلام هو الغنيمة لمقاتلي المعارضة السابقين الذين نجحوا في الامساك به أثناء محاولته الفرار من البلاد ويجري احتجازه في مكان سري في مكان ما وسط المساكن الحجرية والخرسانية بمدينة الزنتان.
ولا تزال الحكومة في طرابلس بل حتى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي تريد محاكمته غير قادرتين على الاتصال بسيف الإسلام. ويقول المحتجزون الذين لا يثقون بالحكومة إن اي محاكمة يجب أن تكون في الزنتان.
ويقولون أيضا إنه إذا لم يعقد زعماء البلاد محاكمة قريبا بسبب الجرائم التي ارتكبت قبل انتفاضة 2011 وخلالها والتي أطاحت بمعمر القذافي فسيحاكمونه بأنفسهم.
وقال العجمي علي احمد العتيري الذي ارشد الدورية الامنية التي كانت تبحث عن سيف الاسلام في الصحراء "إذا لم تكن هناك محاكمة فسوف يقدمه الشعب الليبي للعدالة." وأضاف "سنمهل الحكومة الليبية الفرصة للمحاكمة. إذا عطلوها بصراحة سنقول أننا كثوار ليبيين سنجعله يمثل أمام محكمة ثورية. ستكون محاكمة علنية وعادلة."
ويبرز هذا الإعلان مدى محدودية سلطة الحكومة المركزية على المقاتلين الذين أطاحوا بالقذافي ويعتقدون أن من حقهم الآن أن يكونوا الطرف المستفيد حقا من انتفاضة 2011.
قامت الزنتان بدور كبير في حرب 2011. فقبل عامين هبط المقاتلون من الهضبة وكسروا الأنظمة الدفاعية للقذافي بامتداد الساحل وقادوا الهجوم على طرابلس.
وما زالوا إلى اليوم منظمين فيما بدأت الإدارة المركزية تفقد سيطرتها على البلاد في ظل اغتيالات واستهداف مواقع وطنية وغربية وهروب جماعي من السجون.
وهناك بالفعل نزاع قانوني بين طرابلس ولاهاي التي تطلب تسلم سيف الإسلام لارتكاب جرائم حرب. لكن النزاع الحقيقي يدور في الداخل حيث حاولت الحكومة دون جدوى نقله إلى سجن أقيم خصيصا له في العاصمة.
وستكون محاكمته المقبلة أيا كان وقتها ومكانها دليلا على الجهة التي تمتلك السلطة الحقيقية.. فهل هم المقاتلون الذين حاربوا قوات القذافي أم الساسة في طرابلس الذين يواجهون استياء شعبيا متزايدا.
وقالت حنان صلاح الباحثة في شؤون ليبيا من هيومن رايتس ووتش "الكرة الآن في ملعب الحكومة والحكومة هشة جدا.. ربما تكون بصدد أكثر المراحل هشاشة على الإطلاق في الفترة الانتقالية."
وتابعت "هذه هي الحالة مع كل محتجز بارز لكن فكروا في عدد كبير جدا من المحتجزين الآخرين الذين تحتجزهم ميليشيات أخرى سواء كانت حاصلة على قدر من الشرعية ام لا. هذا يظهر موقع البلاد في هذه المرحلة من العملية الانتقالية."
اعتقل مقاتلو الزنتان سيف الإسلام في الصحراء بجنوب البلاد بعد شهر من اعتقال والده حيا ثم قتله ووضعه في براد للحوم. تم نقل سيف الإسلام إلى الزنتان ويقول كثيرون إنه تم التعامل معه منذ ذلك الحين بوصفه الجائزة الكبرى للمدينة وورقة التفاوض للمساومة على كسب المزيد من النفوذ والسلطة.
كان معي مصور فوتوغرافي وتلفزيوني وكنت المراسلة الوحيدة على الطائرة التي أعادته إلى الزنتان عام 2011. سيف الإسلام الذي كان يرتدي حينئذ ملابس بدوية يبدو عليه الشرود وكان يتجاذب أطراف الحديث من حين لآخر مع محتجزيه.
كانت هناك ضمادة على يده اليمنى وثلاثة أصابع مفقودة. قال إن هذه الأصابع بترت خلال معركة. لكن الكثير من الليبيين يفترضون أن محتجزيه قطعوا أصابعه الثلاثة بما في ذلك السبابة التي كانت دائما يلوح بها أمام الكاميرا في خطاب كان ينقله التلفزيون في مستهل الانتفاضة عندما هدد المعارضة ببحور من الدم.
مثل سيف الإسلام (41 عاما) بالفعل امام المحكمة في الزنتان في اتهامات أخرى تتعلق بتقديم معلومات تهدد الأمن القومي إلى محامية استرالية من المحكمة الجنائية الدولية في العام الماضي.
احتجزت ميليندا تيلور التي عينتها المحكمة الجنائية الدولية لتكون محامية الدفاع لسيف الإسلام في الزنتان ثلاثة أسابيع بعد مقابلتها اياه وقالت إن احتجازها أثبت أنه لا يمكن أن يحصل على محاكمة عادلة.
بالنسبة لليبيين الذين ظل الغضب يعتمل بداخلهم لسنوات فإن سيف الإسلام ومدير المخابرات السابق عبد الله السنوسي هما أهم الوجوه في حكومة القذافي التي يمكن محاسبتها على عهد القذافي طيلة 42 عاما. بحسب رويترز.
ويقول أهل الزنتان إنهم يؤدون واجبهم الوطني من خلال حماية سيف الإسلام من أي أذى. وقال العتيري "ليس هناك سبب يدعو إلى نقله لطرابلس. الزنتان بلدة ليبية ولابد أن يكون هناك مكان آمن للمحاكمة. لدينا قضاة أكفاء." وأضاف "سنطلب من الليبيين الذين ربما كانت لديهم مشكلات مع سيف أو أي اتهامات وكذلك أي شخص يريد الدفاع عن سيف أن يتوجه للمحكمة. إذا وجدناه مذنبا فسوف يعاقب.. وإذا وجدناه بريئا فسوف يختار الحياة التي يريدها."
في يونيو حزيران قال مكتب النائب العام إن محاكمة كبرى لسيف الإسلام والسنوسي وغيره من مسؤولي القذافي ستعقد في النصف الأول من أغسطس آب.
وليس من الواضح ما إذا كانت المحاكمة ستعقد حقا قريبا أو ما هو مكانها. ويقول صلاح مرغني وزير العدل الذي اقتحمت مجموعات مسلحة غاضبة مكتبه إنه لا مجال لمحاكمات "ميكي ماوس".
وقال مرغني لرويترز إنه سيحاكم في المكان الذي توجد به المحكمة وإن أغلب المتهمين موجودون في طرابلس لذلك فربما تكون المحاكمة في طرابلس أو أي مكان آخر. وأضاف أن المحاكمات ستكون عادلة.
وقضت محكمة في مصراتة وهي من المدن الأخرى التي كان لها دور بارز في الانتفاضة على وزير تعليم سابق من عهد القذافي بإعدامه لتحريضه على العنف خلال الانتفاضة وهو اول حكم يصدر. ويجب أن تصدق المحكمة العليا على الحكم قبل تنفيذ الإعدام.
ويساور نشطاء حقوق الإنسان القلق لان ضعف الحكومة المركزية وغياب سيادة القانون تعني أن المحاكمات لن ترقى إلى المعايير الدولية. وما زالت الحكومة تحاول السيطرة على سجون ظل آلاف المحتجزين بداخلها طوال عامين بدون محاكمة. والتحقيقات بطيئة ووكلاء النيابة عددهم محدود للغاية كما ان عدد محامي الدفاع الراغبين في تولي مثل هذه القضايا أقل.
وكثيرا ما تطبق جماعات مسلحة لا تثق في نظام العدالة الذي ترى انه من مخلفات حكم القذافي عدالتها الخاصة وتحتجز السجناء في أماكن بعيدة عن اعين الدولة.
وقالت مجموعة الازمات الدولية في ابريل نيسان "نفاد الصبر تجاه خطى العدالة والريبة العامة تقوي من شوكة الجماعات المسلحة... نشاطهم المتزايد يقوض قدرة الدولة على العمل بما في ذلك في القضايا المتعلقة بالامن والنظام وهذا بالتالي يعطي مبررا لزعم الجماعات المسلحة أن من واجبها ملء هذا الفراغ."
وسيف الإسلام - الذي كان ينظر له على أنه شخصية صديقة لرجال الأعمال في ليبيا في السنوات التي حقق فيها والده تقاربا مع قوى غربية - ليس السجين الوحيد الموجود في الزنتان. فقد تم تحويل مكتبة مدرسية سابقة إلى سجن حيث يجري احتجاز قادة بالجيش ومسؤولين من عهد القذافي.
وقال العتيري "كل سجناء الزنتان لديهم غرف مزودة بأجهزة مكيفة.. لديهم تلفزيون.. يخرجون في الشمس.. لديهم وقت للقراءة.. يحضرون محاضرات دينية" مضيفا ان الطابع الديني هو السمة الغالبة على السجن. وأضاف أن سيف الإسلام "مثله مثل السجناء الآخرين". وحالته الصحية على ما يرام كما تجرى له فحوص طبية شهرية.
ومضى يقول "إنه يتكلم.. تربطه علاقات جيدة بالحرس." وعندما سئل العتيري عما إذا كان سيف الإسلام وحده لم يجب مضيفا "المسألة الأساسية أنه موجود في السجن."
ويشكو السكان من أن البلدة - التي يسكنها 35 ألف نسمة وتتكون من منازل متواضعة من طابق واحد وتوضع فيها سلال القمامة في منتصف الطرق وتستخدم لتقليل السرعة - يتم تجاهلها.
وقال محمد علي الوكواك رئيس المجلس المحلي للزنتان إنه بعد عامين لم يتحقق شيء وهناك نقص في مياه الشرب مع تدني الاتصالات والمباني متهالكة وإن الشيء الوحيد المتوفر لهم هو الأمن. مضيفا ان الحكومة تعد بالكثير لكنها لم تنفذ شيئا. وقال إنهم يريدون أن يمهلوا الحكومة وقتا لكن الوضع خطير للغاية. وأضاف أنه إذا كانت الحكومة جادة بشأن محاكمة سيف الإسلام في الزنتان فيجب أن تقيم محكمة ملائمة هناك.
شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/آب/2013 - 28/رمضان/1434

اخبار


النقابات تقود مباحثات التوافق و(الائتلاف) منفتح على تغير الحكومة

تونس: تعديلات غير مسبوقة في قيادات الجيش وحديث حول انفراجة سياسية

تونس ـ وكالات: أصدر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي قرارا بتعيين مسؤولين جددا على رأس الاستخبارات العسكرية وجيش الطيران و"التفقدية العامة للقوات المسلحة" في إجراء هو الاول من نوعه منذ الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان ان المرزوقي وهو بحسب الدستور "القائد الأعلى للقوات المسلحة" عين الجنرال النوري بن طاوس "مديرا عاما" لجهاز "الأمن العسكري" (الاستخبارات العسكرية)، والجنرال بشير البدوي رئيسا لأركان جيش الطيران، والجنرال محمد النفطي "متفقدا عاما للقوات المسلحة" فيما ظهرت بوادر في الازمة السياسية التي تواجه الائتلاف الحاكم حيث أبدت الأحزاب المشتركة في الائتلاف انفتاحا على تغير الحكومة حال التوافق من باقي الاحزاب كما اجريت مباحثات بين الإئتلاف والاتحاد التونسي العام للشغل وهو الكيان النقابي الرئيسي بشان الازمة السياسية.
ولفتت الى ان المرزوقي عين المدير العام السابق للمخابرات العسكرية الجنرال كمال العكروت "ملحقا عسكريا بالخارج" والرئيس السابق لأركان جيش الطيران الجنرال محمد نجيب الجلاصي "مديرا للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي بوزارة الدفاع"، وهما منصبان "شرفيان" بحسب مصدر عسكري.
ولم تعط الرئاسة تفاصيل عن السيرة الذاتية للقيادات العسكرية الجديدة.
وفي يونيو الماضي اعلن الجنرال رشيد عمار (67 عاما) رئيس اركان الجيوش الثلاثة استقالته من منصبه وبرر ذلك بتجاوزه سن التقاعد.
وكان عمار رئيس اركان جيش البر في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقد تمت ترقيته بعد الاطاحة ببن علي مطلع 2011 إلى قائد اركان الجيوش الثلاثة في إجراء نادر في تاريخ المؤسسة العسكرية التونسية.
وفي يوليو الماضي عين المنصف المرزوقي الجنرال محمد الصالح حامدي قائد اركان جيش البر.
ويضم الجيش التونسي ستين الف عنصر بما في ذلك الاحتياط حسبما اعلن في مايو الماضي العميد مختار بن نصر وكان وقتها ناطقا رسميا باسم وزارة الدفاع.
وفي ذات السياق قبلت حركة النهضة والتي تقود الائتلاف الحاكم امس بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل كمنطلق لحوار وطني بين الفرقاء السياسيين غير أنها اكدت ان الحكومة المؤقتة الحالية لن تستقيل قبل التوصل الى توافق وطني.
واعلن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي اليوم قبوله بمبادرة كان تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو اكبر منظمة نقابية وتتمتع بنفوذ سياسي واسع تكون منطلقا للبدء في حوار وطني سريع يشمل السلطة والمعارضة.
وأصدر الحزب بيانا اكد فيه قبوله بمبادرة اتحاد الشغل لكنه اكد ان الحكومة المؤقتة الحالية لن تستقيل الا عندما يتوصل الفرقاء السياسيون الى حل توافقي.
وذكر البيان "حكومة الترويكا (الائتلاف الحاكم) لن تستقيل وستواصل مهامها إلى أن يفضي الحوار الوطني إلى خيار توافقي يضمن استكمال مسار الانتقال الديمقراطي وإدارة انتخابات حرة ونزيهة".
وجاء اعلان الغنوشي للصحفيين اثر لقائه رئيس اتحاد الشغل الحسين العباسي بمقر الاتحاد ضمن سلسلة من اللقاءات اجراها العباسي مع مختلف الاطراف السياسية.
وقال الغونشي "نحن قريبون جدا من التوافق. وسنبدأ في حوار وطني سريع".
وقال حسين العباسي أمين عام اتحاد الشغل "راشد الغنوشي قبل صراحة بمبادرة الاتحاد كمنطلق لحوار وطني. وسنعرض مقترحات حركة النهضة على المعارضة".
وأضاف العباسي "على السلطة والمعارضة الوعي بدقة المرحلة وان الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس لا يحتمل المزيد من الانتظار".
يذكر أن مبادرة الاتحاد تتمثل في حل الحكومة المؤقتة الحالية وتشكيل حكومة غير متحزبة برئاسة شخصية وطنية مستقلة وتحديد مهام المجلس الوطني التأسيسي في اتمام صياغة الدستور وسن القانون الانتخابي واتمام تشكيل الهيئة المستقبلة للانتخابات لكن في آجال لا تتجاوز 23 اكتوبر.
وقال زبير الشهودي مدير مكتب راشد الغنوشي لوكالة الأنباء الألمانية ان "الحركة تقبل من حيث المبدأ مبادرة الاتحاد على ان يقع مناقشتها على طاولة الحوار من أجل التوصل الى توافق". وأضاف "سنناقش كيفية تطبيق هذا المقترح".
غير أن شكوكا تحوم حول مدى امكانية استكمال الحوار ومن ثم التوصل الى توافقات حول حكومة الكفاءات واستكمال اشغال التأسيسي خلال الفترة الزمنية المتبقية الى حدود 23 اكتوبر.
وسبق ان اعلنت جبهة الانقاذ الوطني عن شرطها لحل الحكومة المؤقتة وحل المجلس التأسيسي قبل بدء حوار مع السلطة.
وقال محمد جمور العضو بحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد "النهضة تريد استكمال الفترة المتبقية لإحكام السيطرة على مفاصل الدولة قبل موعد الانتخابات المقبلة".
وقال الناطق باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي "اذا كانت حركة النهضة صادقة فعليها الانطلاق فورا في تشكيل حكومة الكفاءات".
وتطالب جبهة الانقاذ ايضا بمراجعة كل التعيينات بالادارة القائمة على الولاء الحزبي.
وقد دعت في وقت سابق الى التعبئة العامة لأسبوع الرحيل ابتداء من يوم 24 اغسطس.





باكستان: مقتل جندي بخرق للهدنة في (كشمير) وإقبال متوسط على الانتخابات

إسلام أباد ـ وكالات: أعلن الجيش الباكستاني امس أن جنديا قتل برصاص هندي "غير مبرر" في منطقة كشمير المتنازع عليها.
وقال مسؤول عسكري بارز إن إطلاق النار وقع في قطاع راختشاري قرب راوالاكوت ، ليقع حادث القتل الثاني خلال يومين.
وكان الجيش الباكستانى قد أعلن أمس أن جنديا باكستانيا قتل على أيدي قوات هندية ، واستدعت إسلام أباد نائب المندوب السامي الهندي إلى وزارة الخارجية الباكستانية للاحتجاج على ذلك.
وتبادلت الهند وباكستان خلال الأسابيع الماضية اتهامات بانتهاك وقف إطلاق نار مدته 10 أعوام عبر خط السيطرة ، وهو حد افتراضي يقسم كشميرالواقعة في منطقة الهيمالايا إلى شطرين هندي وباكستاني.
وأثارت أحداث القتل في كلا الجانبين الشكوك حول احتمال استئناف محادثات السلام المتوقفة بسبب وقوع مناوشات على الحدود منذ يناير الماضي.
كما شهد أمس تمرير البرلمان الباكستاني لقرار بالإجماع ضد ما وصفه بانتهاك لوقف إطلاق النار من جانب القوات الهندية ، وأدان قتل الجنود الباكستانيين.
من جهة اخرى ذكرت تقارير إن نسبة الإقبال على الإدلاء بالأصوات في الانتخابات الفرعية لشغل41 مقعدا في البرلمان الوطني والجمعيات الإقليمية كانت متوسطة.
وعلى الرغم من تحذيرات المسلحين بعرقلة عملية التصويت فى شمال غرب باكستان إلا أن المسؤولين قالوا إنه لم تقع أى حوادث عنيفة كبيرة.
وقد وردت تقارير بشأن منع نساء من الإدلاء بأصواتهن ولكن السلطات الانتخابية قالت إنها لم تتلق أى شكاوى رسمية.
وتجرى الانتخابات فى الدوائر التى خلت بفوز سياسيين بأكثر من مقعد فى انتخابات مايو الماضى.
وبموجب الدستور، فانه بامكان اي مرشح ان ينافس في الانتخابات على أكثر من مقعد برلماني ولكنه لا يمكنه سوى الاحتفاظ بمقعد واحد فقط.
وخلت بعض الدوائر الانتخابية بوفاة أعضاء بالبرلمان. وقتل ما لايقل عن ثلاثة أعضاء على أيدي المجموعات المسلحة.
وصرح خورشيد خان ، مسؤول باللجنة الانتخابية الباكستانية انه يحق لأكثر من خمسة ملايين شخص الإدلاء بأصواتهم لاختيار مرشحين لشغل 15 مقعدا في البرلمان الوطني و26 مقعدا في مجالس الاقاليم ولكن من المتوقع أن تكون نسبة الإقبال أقل من ذلك بكثير".
ومن غير المحتمل ان يكون للانتخابات الفرعية تاثير كبير على وضع الاحزاب السياسية في البرلمان ولكن ينظر اليها على انها مؤشر على شعبيتها وذلك بعد مرور شهرين على تشكيل الحكومة الوطنية وحكومات الأقاليم.
وتخوض احزاب رئيس الوزراء نواز شريف والرئيس الباكستاني اصف على زارداري وزعيم المعارضة عمران خان الانتخابات في معظم الدوائر.





فنزويلا تنشر 30 ألف آلة تصوير للأغراض الأمنية

كراكاس ـ ا.ف.ب: بدأت السلطات الفنزويلية في إرساء حوالى 30 ألف آلة تصوير على كافة أراضيها، في مسعى منها إلى احتواء الاضطرابات الأمنية التي تعانيها، بحسب ما كشفت الحكومة موضحة أن أغلبية التجهيزات ستوضع في الأحياء الخطرة في كراكاس.
وتهدف هذه العملية القاضية "بإرساء 30 ألف آلة تصوير أمني على الصعيد الوطني... إلى جمع معلومات آنية"، وفق ما صرح وزير الداخلية ميغيل رودريغيز لوسائل الإعلام.
وقد أرسي عدد كبير من هذه الكاميرات الصينية الصنع في منطقة سوكري (الشمال) القريبة من العاصمة والتي تشهد نسبة كبيرة من أعمال العنف. وستشرف الشرطة على شبكة الكاميرات هذه بغية اتخاذ تدابير أسرع لاحتواء العمليات الإجرامية المسجلة فيها.
وابتداء من سبتمبر، ستوضع آلات تصوير أخرى في حي بيتاري الذي يعد أخطر أحياء كاراكاس بحسب الوزارة.
وتسعى السلطات بفضل هذه الآلات إلى ضمان الأمن في بلد يشهد أعلى نسبة من عمليات القتل في أميركا اللاتينية، مع أكثر من 16 ألف جريمة قتل مسجلة سنة 2012 التي تضم 29 مليون نسمة.
وفي سياق آخر أعلنت الولايات المتحدة أنها سجلت على قائمتها السوداء اسم أحد المسؤولين في الجيش الفنزويلي الذي استفاد من صلاحياته لتعزيز الاتجار بالمخدرات بين كولومبيا والمكسيك.
وقد استفاد فاسيلي كوتوسكي فيلارويل راميريز من منصبه كقائد في الحرس الوطني في فنزويلا لتأمين الحماية لتجار كانوا ينقلون المخدرات عبر بلده لحساب الكارتلات المكسيكية، على ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخزانة.
وجاء في البيان أن "فاسيلي كوتوسكي فيلارويل راميريز هو المثل الحي لتاجر المخدرات الذي استفاد من صلاحياته في الجيش وعلاقاته لتسهيل نقل الكوكايين من المكسيك".
وذكرت الوزارة أن السلطات الاميركية كانت قد وجهت التهم الى فاسيلي كوتوسكي فيلارويل راميريز في العام 2011، على خلفية نقل "آلاف الكيلوغرامات" من الكوكايين من كولومبيا إلى المكسيك عبر فنزويلا.
ولم يذكر البيان في أي سنة غادر تاجر المخدرات البالغ من العمر 41 عاما صفوف الجيش الفنزويلي.
وستقوم السلطات الاميركية بتجميد الاصول التي يمتلكها راميريز في الولايات المتحدة.




الكونغو: (ام23) تُحي المعارك شمال جوما

جوما ـ ا.ف.ب: دارت مواجهات صباح امس بين حركة ام23 المتمردة والجيش الكونغولي في شمال غوما شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، كما ذكرت مصادر عسكرية في هذه المدينة، عاصمة اقليم شمال كيفو.
واضافت المصادر ان المعارك تدور على مقرية من قريتي موتاهو وكيباتي اللتين تبعدان عشرين كلم عن جوما.
وقال ضابط في القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديموقراطية ان القوات النظامية تعرضت للهجوم في المواقع التي تشغلها منذ منتصف يوليو على بعد عشرين كلم من العاصمة الاقليمية.
ولم يقدم هذا الضابط الذي لم يشأ الكشف عن هويته اي حصيلة لعمليات القصف التي تمت بـ "اسلحة ثقيلة"، كما قال.
واكد الميجور موديستي باهاتي ضابط الاستخبارات في حركة ام23، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، اندلاع هذه المعارك واتهم الجيش بأنه اراد طرد الحركة المتمردة من مواقعها حول كيباتي.
وقال ان "قواتنا ما زالت في مواقعها". ولم يقدم حصيلة للمواجهات.
وفي منتصف يوليو، بعد حوالى شهرين من الهدنة، استؤنفت المعارك بين الجيش وحركة ام23.
وفي الايام الاولى، اعلنت الحكومة مقتل 120 متمردا و10 جنود. ومنذ ذلك الحين، استؤنفت المواجهات بصورة متقطعة لكنها لم تستتبع بتحركات كبيرة حول محور كيباتي-موتاهو.
وتنشط حركة ام23 منذ مايو 2012 في اقليم شمال كيفو الغني والمضطرب. وهو يتألف من التوتسي الكونغوليين الذين انخرطوا في جيش جمهورية الكونغو بعد اتفاق سلام وقع في 2009. ثم تمردوا في ابريل 2012، معتبرين ان هذا الاتفاق لم يحترم.
واتهمت كينشاسا والامم المتحدة رواندا واوغندا بدعم حركة ام23، الا ان هذين البلدين المجاورين لجمهورية الكونغو الديموقرطية دائما ما ينفيان هذه التهمة.

اقلام حره


ما أسوأ حال العرب!

بغداد، أو الحكومة العراقية المركزية برئاسة المالكي، غاضبة على كردستان العراقية التي تمادت في "نزعتها القومية الاستقلالية"، حتى أصبح النفط العراقي في هذا الإقليم مشمولًا بها؛ فتجارة النفط تزداد بين كردستان العراقية وتركيا، التي هي الأولى إقليميًّا في عدائها للنزعة الاستقلالية القومية للأكراد على المستوى الإقليمي، ولأكرادها هي على وجه الخصوص.
كردستان العراقية تُصَدِّر الآن، ولو بالشاحنات، وبكميات ضئيلة، النفط الخام إلى تركيا؛ ومن قَبْل، سمحت لشركات نفط عالمية بالتنقيب عن النفط في "مناطق متنازَع عليها" في الإقليم؛ وكأنَّ الغاية الكامنة هي "كَرْدَنة" النفط في شمال العراق، أيْ جعله كرديًّا خالصًا.
إنَّه النفط الذي طالما تحدَّثْنا عن "عروبته"، وتَغَنَّيْنا به قائلين في شعارتنا القومية: "نفط العرب للعرب"!
وقبل "الكَرْدَنَة النفطية"، اكتشفنا مع قيام دولة جنوب السودان، أنَّ النفط العربي في السودان ليس عربيًّا، فـ"منابعه" تَقَع في إقليم هذه الدولة الجديدة، وإنْ تعذَّر عليها تصديره إلاَّ بواسطة شبكة الأنابيب التي تقع في شمال السودان العربي؛ فهل نُعزِّي أنفسنا قائلين إنَّ الجزء الأعظم من ثروة العرب النفطية ما زال عربيًّا من الوجهتين الجغرافية والديمغرافية؟
إذا لم نقوَ قوميًّا بما يقينا من شرور فِتَنٍ طائفية بين أبناء الأُمَّة الواحدة فلن يبقى من الجسد القومي العربي ما يسمح بالإبقاء على عروبة النفط.
وعندئذٍ، أيضًا، سَنَعْطَش بما يكفي لجَعْلِنا ننسى إلى الأبد "النفط العربي"، و"نفط العرب للعرب"؛ ولن نتذكَّر أهمية وضرورة ما كان ينبغي لنا فعله لدرء المخاطر عن "أمننا القومي المائي" إلاَّ بَعْد فَوْت الأوان.
ما الذي فَعَلْناه لاتِّقاء شرِّ الاستبداد الأجنبي بمصادِر ومنابع المياه التي تجري في أراضينا كما يجري نفط جنوب السودان في أنابيب شمال السودان؟!
إنَّنا نَشْرَب ونسقي زَرْعنا من مياه النيل، التي منابعها في أراضٍ غير عربية، ومن مياه دجلة والفرات، التي منابعها في أراضٍ غير عربية، ومن مياه نهر الأردن، الذي تُحْكِم إسرائيل قبضتها على مصادره ومنابعه.
ما الذي فَعَلْناه للتأسيس لـ"أمن قومي مائي"، ولإحراز شيء من الاستقلال في مياه الشرب والزراعة عن تلك المصادِر والمنابع المائية (النهرية) غير العربية، ونحن الذين اكْتَنَزْنا كثيرًا، وكثيرًا جدًّا، من "الذهب الأصفر (أو من نُوابِّه وممثِّليه)" من طريق بيعنا كثيرًا، وكثيرًا جدًّا، من "ذهبنا الأسود"؟!
لقد فَعَلْنا كل ما يجعلنا أُمَّة جديرة بالهلاك، لا تستحق الحياة التي تليق بأُمَم القرن الحادي والعشرين؛ فإنَّ جُلَّ ثرواتنا النقدية (من ذهب ودولار ويورو..) أنْفَقْناه، وننفقه، أيْ استثمرناه، ونستثمره، في خارج أرض العرب، وبما يعود بالضرر، لا النَّفع، على كل جهد كان يمكننا، وينبغي لنا، بذله من أجل التأسيس لاقتصاد قومي عربي حقيقي، أو لسوق عربية مشتركة. حتى السِّلاح الغالي الثَّمَن لم نَشْتَرِه منهم إلاَّ بما يجعلنا نزداد ضَعْفًا، عسكريًّا وسياسيًّا!
وها هي "المأساة ـ المهزلة" تَكْتَمِل بـ"فَصْلِها الغذائي"؛ فلا طعام لدى العرب إلاَّ "المُسْتَوْرَد" جُلُّه من خارج "الوطن الكبير"؛ فالحبوب التي إليها نحتاج غذائيًّا، وفي مقدمها القمح، ما عاد ممكنًا الحصول عليها من أراضينا؛ وغَدَوْنا مضطرين إلى شرائها من مصادِر تُحْكِم الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، قبضتها على معظمها وأهمها؛ فكيف للمرء أنْ يكون رأيه من رأسه إذا لم يكن مأكله من فأسه؟!

جواد البشيتي كاتب فلسطيني ـ الأردن





قراءة في المشهد المصري!!

وسط موقف عربي داعم من عدة دول .. وموقف غربي متخاذل تجاه الأزمة المصرية يعيش المصريون في خوف وقلق على مصير دولتهم التي باتت تضربها العواصف من كل اتجاه وفي كل اتجاه .. هذا هو حال المصريين الآن بعد أن استيقظوا أو بمعنى أدق، أفاقوا على حقيقة أن هناك مخططا دوليا يستهدف وطنهم .. وأن هناك أيادي داخلية مدعومة بأخرى خارجية تعبث بمقدرات هذا الوطن وتعمل على زعزعة استقراره وإضعافه على غرار ما حدث مع العراق الشقيق بعد سقوط نظام صدام حسين الذي يتحسر قطاع عريض من العراقيين الآن على أيامه، بعد أن عاشوا أكثر من عشر سنوات في ظل وضع غير مستقر يسوده العنف والقتل والتفجيرات، بينما الديمقراطية التي وعدتهم بها أميركا ذهبت أدراج الرياح بفعل التناحر الطائفي والمذهبي!!
المصريون الآن يواجهون نفس المخطط ونفس المصير .. يعيشون في فزع ورعب .. فالدماء تسيل من كل جانب .. والموت يحصد العشرات كل يوم بعد أن نجح الغرب في توطين الإرهاب في عدد من الدول العربية من خلال اللعب بورقة الدين وتأجيج النعرة الطائفية والمذهبية، وإلا بماذا نفسر تمسك واشنطن وحلفائها الأوروبيين بصعود تيار الإسلام السياسي إلى السلطة، فيما يسمى بدول ثورات الربيع العربي؟!.. وما سر غضب الغرب الجامح من إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر .. هل حبا في الإسلام والمسلمين؟ أم احتراما للديمقراطية كما يزعمون؟ .. أم أن الحقيقة هي أن الغرب وجد ضالته أخيرا في مكافحة الإرهاب عن طريق تصديره إلى موطنه الأصلي عملا بمقولة "هذه بضاعتكم رددت إليكم"؟!
إن ما يحدث في مصر الآن ليس خلافا سياسيا أو صراعا حقيقيا على السلطة، حيث إن جماعة الإخوان أول من تعلم أن عودة الرئيس محمد مرسي أمر من المستحيل حدوثه أو أضعف الإيمان توقعه حتى ولو قامت الجماعات المتشددة بعمليات إرهابية كل يوم، إلا أن هذا هو ما يريده الغرب الذي يعلم جيدا هو الآخر أن عودة جماعة الإخوان إلى سدة الحكم مستحيلة، وأن كل ما هو مطلوب أن ينقسم المصريون ويتقاتلون فيما بينهم بين مؤيد لتيار الإسلام السياسي ومعارض له لم يستطع الصبر على حكم جماعة الإخوان سوى عام واحد فقط .. هذا هو ما تشهده مصر حاليا عمليات قتل وإرهاب والدخول في مواجهات شبه يومية مع المؤسستين العسكرية والأمنية وترويع الآمنين تحت راية الدفاع عن الشرعية وعن مشروع الدولة الإسلامية رغم أنهم يدركون جيدا أو على الأقل قاداتهم ومن يحركهم أن استخدام العنف والإرهاب لن يعيد الإخوان إلى الحكم، وأن كل ما يقومون به حاليا هو صب المزيد من الزيت على النار حتى تحترق مصر بنيران الفتنة والانقسامات!!
إن أخطر ما يهدد مصر اليوم هو الانقسامات، حيث انقسم المصريون إلى فريقين .. فريق له الغلبة والسيطرة ممثلا في إرادة شعبية يتمسك بمدنية الدولة وفصل الدين عن السياسة والتعامل مع الإسلام بوسطية الأزهر الشريف .. أما الفريق الثاني وهو الأقل حجما وتأثيرا فيؤمن بمشروع الدولة الإسلامية أو دولة الخلافة حسب ما يرددون ويجاهد في سبيل هذا الهدف .. ومنهم من يرى أن سبب فشل جماعة الإخوان في الحكم هو ابتعادهم عن تطبيق هذا المشروع وانشغالهم بجمع الغنائم ومحاولة السيطرة على مؤسسات ومقدرات الدولة .. ومن هنا أطل الإرهاب برأسه وظهرت الجماعات المتشددة والمتطرفة التي تمارس إرهابا على أرض مصر لتحقيق حلم دولة الخلافة حتى ولو كان على جثث المصريين!!
مشهد بشع ومفجع استيقظ عليه المصريون صباح الاثنين الماضي لمقتل 25 مجندا مصريا بقطاع الأمن المركزي برصاص جماعة إرهابية مسلحة في طريق العريش ـ رفح بمحافظة شمال سيناء، حيث كان الضحايا في طريقهم لاستلام شهادات نهاية الخدمة العسكرية الإلزامية ليبدأ كل منهم حياته المدنية، وجميعهم في بداية عقدهم الثالث، إلا أنه كان هناك من تنصت عليهم وهم جالسون في أحد مقاهي العريش يحتفلون بالانتهاء من تأدية خدمتهم العسكرية، وقد يكون هذا هو اللقاء الأخير الذي يجمعهم، حيث سيعود كل منهم إلى بلدته، وشاء القدر أن يكون بالفعل هذا اللقاء هو الأخير لهم في هذه الحياة، حيث طاردتهم مجموعة إرهابية مسلحة بمجرد ما وصل إليها الخبر، واستوقفت السيارتين اللتين تقلان هؤلاء الضحايا وأمرت بإنزالهم ثم اغتالتهم بدم بارد وهم عزل ليتم العثور على جثثهم على جانبي الطريق!!
نعم مصر الآن منقسمة إلى فريقين كل منهما يريد إقصاء الآخر ولو عن طريق الدم، وهذا هو المخطط المطلوب تنفيذه بحيث تشهد الدولة صراعا داخليا لا نهاية له بغرض إضعافها لتصبح مصر غير قادرة إلا على التحرك داخل محيطها الداخلي فقط، لتتحول مصر إلى مجرد دولة ضعيفة منهكة، أنظمة الحكم فيها هشة غير قادرة على الاستمرار أو الحركة، وبالتالي تعاني من عدم الاستقرار .. فالمطلوب أن تصبح مصر دولة غير مستقرة تسودها الفوضى والعنف .. إلا أن مصر رغم كل هذا المشهد الضبابي لا تزال عصية على هذا المخطط، وهذا هو ما يقلق الغرب ويجعله يتخذ موقفا متخاذلا تجاه الحالة المصرية ممارسا ضغوطا هائلة على السلطات المصرية لإثنائها على التراجع عن موقفها، مهددا بفرض عقوبات من خلال تجميد أو قطع المساعدات أو وقف تصدير السلاح!!
لقد بات المصريون على قناعة تامة أن الغرب لا يهمه إرادة الشعوب بقدر ما يهمه تحقيق مصالحه وتنفيذ مخططه ولو على جثث هذه الشعوب .. فلا يهم أن يتقاتل المصريون فيما بينهم .. ولا يهم الاعتداء على الكنائس وحرقها طالما أن هناك من ينفذ مخططهم!!

سامي حامد صحفي وكاتب مصري






جبهة إنقاذ بعنوان لبناني

استوقفتني مليًّا دعوة صدرت عن شخصية لبنانية هو عدنان القصار يطالب فيها الهيئات الاقتصادية التي يرأسها بالتحضير لمشروع يقوم على استحداث جبهة وطنية عريضة لمعالجة الإخفاقات التي يعاني منها اقتصاد بلاده.
والأصل في وقوفي أمام هذا المقترح أنه استخدم مفردات ذات طبيعة سياسية وإعلامية شائعة في الوقت الحاضر، وقد ظهرت التسمية في أكثر من بلد عربي واحد بعد الأحداث العنيفة التي عاشتها وتعيشها الآن، ولأن المقترح أيضًا لم يستثنِ أحدًا، بل فيه طروحات لمشاركة كل الأطياف من مؤسسات أهلية وحكومية ومنها النقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، وكذلك الأفرقاء السياسيون، ولأنه ربط بين متطلبات الإنجاز المنتظر الخاص به وتحقيق الأمن والاستقرار وروح التضامن والاندماج والشراكة الوطنية.
وبمعنى مضاف أراد أن يكون المشروع بهامش واضح من التصرف السياسي المسؤول الذي يأخذ بنظر الاعتبار حقوق لبنان الوطنية وحق الأغلبية المطلقة من الشعب اللبناني التي أصابها الكثير من الآثار السلبية في ظل تداعيات التراجع التنموي الذي ما زال يواصل هبوطه ويتكلس بالمزيد من المشاكل التي تؤثر سلبًا على الحياة العامة في أكثر من صفحة واحدة.
ولكي نكون على بينة من الحاجة الملحة للدعوة التي أطلقها الوزير السابق القصار، لا بد لنا أن نشير إلى جملة من العناوين التي تحكم حاليًّا الاقتصاد اللبناني، منها ارتفاع معدل الدين العام على الخزينة الحكومية اللبنانية إلى أكثر من (61) مليار دولار أميركي، وحالة الركود في النشاطات المرتبطة بالخدمات السياحية التي تمثل عصب البلاد التنموي إلى جانب التراجع في النشاطات الزراعية والصناعية المتواضعة أصلًا، وما ترتب على ذلك من ارتفاع في نسب البطالة، وكذلك الانخفاض في حجم التحويلات المالية للمغتربين اللبنانيين في إفريقيا وأميركا الجنوبية بسبب مشاكل سياسية واقتصادية تعاني منها البلدان التي يتواجدون فيها.
وعودة على بدء، نرى أن المقترح يمثل ردًّا تعويضيًّا والتفاتة نسبية لمواجهة استفحال حالة الركود العام الذي يعاني منه الاقتصاد اللبناني في إطار مخاوف مشروعة أن الأمر يحتاج إلى وقفة وطنية واسعة تعيد ترتيب أولويات البلاد بما يصون مبدأ النظرة المطلوبة للمعالجة، خاصة وأن ترك الحبل على الغارب يمثل منتهى الإهمال.
وبغض النظر عن النجاح في مثل هذا المشروع الإنقاذي المنتظر أو خلاف ذلك، نقول إن التوجه فيه يحتاج إلى هامش واضح من التضحية بالنزعات الذاتية المغلقة لتحقيق الأرباح لصالح فئات معينة على حساب أخرى، مثلما يتطلب أن يتحرك الجميع بروح الفريق الواحد الذي لا بد أن يواجه العديد من العقبات ليس أقلها احتمال عدم الثقة بين الأطراف المعنية بالمشروع من محتوى أن الجميع يريد أن يحقق مكاسب بغض النظر أن يكون ذلك لصالح الآخرين، واحتمال تدخلات خارجية باتت اليوم محركًا بالعديد من الصفحات والضغوط.
وليس بعيدًا عن ذلك أن يتم التشكيك بالمشروع لأنه لا بد أن يكون بإجراءات طويلة الأمد، وهي في كل الأحوال لن تكون قادرة على تحقيق نتائج إيجابية سريعة، أي أن الأمر يحتاج إلى نفس طويل من الانتظار والصبر، وهكذا تتطلب المشروعات الاقتصادية الإنقاذية أن تنأى عن كل مسببات التشكيك والجزع واستخفاف في بعض الأحيان.
إن الملامح المأساوية التي تطبع الاقتصاد اللبناني، ليست علامة (يتفرد) بها هذا البلد، بل هناك ما يشابهها في بلدان عربية معينة مثل العراق ومصر وتونس واليمن، وربما بلدان أخرى ضمن المجموعة العربية، ولذلك فهي في كل الأحوال بحاجة إلى توجهات اقتصادية للإنقاذ بذات آليات، وإن لم تكن المواصفات تنطبق تمامًا على الجميع، كما أن مشروعًا بذات الطابع قد ترتفع كلفته الاجتماعية والنفسية والمالية مع مرور الزمن بحيث يصبح العجز في تلبيتها مصدرًا للإحباط والتشتت والضياع، لذلك ينبغي أن يتمحور العمل من أجلها على الوقت في منافسة مفتوحة على المضامين الأكبر فعالية في تلبية حاجات المتفاقمة للأغلبية من السكان، كما لا يجوز الاضطلاع بمشروع من هذا النوع إذا لم نأخذ بأسبقيات التنمية المستدامة وفق البرامج التي أشرتها الأمم المتحدة لإعادة تأهيل اقتصادات بلدان تشكو الركود أو التذبذب.

عادل سعد كاتب عراقي






على نفسها جنت!

هل جنى الإخوان في مصر ما كانوا يريدونه: أي عودة مرسي والدستور والشورى؟ أي هل استطاعوا أن يثبتوا شرعيتهم عبر العنف؟ ولماذا أصروا على رفض كل المداخلات الطيبة والوساطات الداخلية والعربية والدولية؟ وإذا كانوا يرون أن الشارع المصري بملايينه يقف إلى جانبهم أفلا كان يمكن أن يقبلوا بما حدث في الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو، وينخرطوا في العملية السياسية ويشاركوا في وضع الدستور الجديد أو التعديلات على القديم، ومن ثم يتاح لهم المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة؟ آنذاك ـ أي عند امتحان الصناديق ـ يمكن أن يبرهنوا على أن الشارع معهم، وأن ما حدث كان انقلابا على شرعيتهم إن هم نجحوا في انتخابات الرئاسة بمرسي أم بغيره؟
كان لهم أن يتصرفوا بحكمة وأن لا يجروا مصر إلى أتون مهلك. كان عليهم ألا يتبنوا الإرهاب في سيناء، كما التصعيد في بقية أنحاء جمهورية مصر العربية. كان شعارهم إما أن نحكم نحن مصر، وإما أن نحرقها. لم تكن فترة السنة التي حكموا مصر خلالها كافية لتعليمهم الدرس الواجب تعلمه في الحكم. الحكم الرشيد لا يقوم على التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ولا يقوم على اضطهاد نصف المجتمع (المرأة)، كما أنه لا يقوم على بث الفتنة الطائفية والدينية. ولا يقوم على معاداة الفنون والآداب والعلوم والثقافة، ولا على اضطهاد الفنانين والمثقفين والأدباء والعلماء والمفكرين.
الإخوان في مصر لم يتركوا شريحة من الشعب المصري إلا وناصبوها العداء، لذا كان طبيعيا أن ينزل عشرات الملايين من أبناء مصر إلى الشوارع في الثلاثين من يونيو، ومثلهم في الثالث من يوليو، ومثلهم أيضا في السادس والعشرين من يوليو. إن ما يفعله الإخوان المسلمون في مصر هو ما يدركه كل مصري وكل عربي؛ أي أنه لا يمكن إلا أن يصب في خدمة أعدائه. لكنهم استكبروا ولم يصدقوا ما حدث، هكذا نزلوا إلى الشوارع والميادين. العنف والقتل والحرق والتدمير. لمصلحة من؟ هذا السؤال لا يحتاج إلى إجابة. إن كل عربي ومصري يعرف أن العنف والقتل والتدمير في أي بلد عربي إنما يصب في مصلحة العدو .. وعدونا هو الكيان الصهيوني ومن يسنده في أميركا وفي أوروبا. ألم يكن الإخوان يدركون مثل هذه الحقيقة؟ بلى إنهم يعلمون ذلك.
كان على الإخوان أن يحكموا العقل، وأن يثوبوا إلى الرشد قبل سفك الدم وإشاعة الدمار في عموم جمهورية مصر العربية. لقد خيل إليهم أنهم يمكن أن يستدرجوا التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي المصري. لكن العالم لم يعد محكوما بناظم يضعه البيت الأبيض أو البنتاجون. لذلك هم مثل براقش جنت على نفسها، وهم على أنفسهم يجنون حين يصنفون على أنهم إرهابيون. وإذا كان هناك من يتعاطف من أبناء مصر مع الإخوان قبل الأحداث الأخيرة فإنهم فعلا فقدوا التعاطف وزادوا من كمية من يقف ضدهم، وضد ممارساتهم على طول الخط. وبالتالي جنوا على أنفسهم.

نواف أبو الهيجاء كاتب فلسطيني



أعلى





عرب العراق بالمفهوم الأميركي .. أقلية!

تراجع دور العراق وتأثيره في محيطه العربي منذ احتلاله وحتى الآن، بعد أن كان حاضرة العرب وعامل قوة وتوازن في منظومة العمل العربي.
والانكفاء العراقي سببه وضعف ارتباطه بمحيطه العربي وتفاعله مع قضاياه وتحدياته وشواغله، هو الدستور العراقي الذي كتب على عجل تحت إشراف حاكم العراق السابق بول بريمر الذي حاول مشرعوه تكريس حال العراق الجديد، في محاولة لسلخه عن أمته وهويته العربية بنص يقول: "إن الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية"، وكأن عرب العراق أقلية بالمفهوم الأميركي.
ورغم اعتزازنا بشركاء الوطن ومكوناته من الأكراد والتركمان والمسيحيين وباقي الأقليات، فإن عروبة العراق وهويته لا يقبلان الشك، فنسبتهم تقدر بنحو 80 بالمئة من سكان العراق وهم أغلبية بكل المقاييس، وإن كل دساتير العراق المؤقتة منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى احتلاله نصت صراحة على أن العراق جزء من أمته العربية، فكيف أصبح الشعب العربي في العراق وهو يمثل أغلبية السكان جزءا من الأمة العربية؟
هذا النص أريد له أن يكون مصدا مانعا بين العراق ومحيطه العربي حتى يسهل تغييب هويته وإبعاده عن دوره وإخراجه من منظومة العمل العربي.
لقد كان الدستور العراقي وما زال مصدر قلق قطاعات كبيرة من العراقيين الذين رأوا فيه وصفة للتقسيم وإضعافا للعراق رغم أن القائمين على الحكم توافقوا على إعادة النظر بالدستور وتعديل بعض فقراته بعد ستة أشهر على إقراره، إلا أن اللجنة التي شكلت لهذا الغرض لم تنجز مهمتها حتى الآن.
إن سلطة الاحتلال الأميركي سعت إلى تحويل الدستور العراقي إلى أداة ووسيلة لتقسيم العراق، وإنكار عروبته بنص غريب ومشبوه، استند إلى نظام المحاصصة الطائفية والعرقية أدخلت العراق في صراعات ما زالت تداعياتها على الأرض.
إننا لا نصادر ولا ننكر حق شركاء الوطن عندما نؤكد على هوية العراق العربية، فوحدة المصير والعيش المشترك بين العرب والأكراد حقيقة لا يمكن لأحد أن يتجاوزها؛ لأن هذه الشراكة الأبدية التي تواصلت وترسخت وتعمقت خلال الحقب الماضية، ستبقى صمام الأمان لوحدته وقوته ومنعته، وليس مصدر قلق لشركاء الوطن كما يظن البعض.
أحمد صبري كاتب عراقي






ارفضوا أيها الفلسطينيون

ستفشل المفاوضات بينكم وبين "إسرائيل" بالتأكيد؛ لأن "إسرائيل" لا تطالب بالأرض فقط، ولا بكل فلسطين فحسب، بل الوصول إلى هدف يكمن في نوايا وأعماق اليهود، الذين صحوا في ليلة صيف، وإذا بقوّة استعمارية قاهرة، تجمع شتاتهم، من عواصم العالم، وتمنحهم بقدرة المناورة مقرا لهم في فلسطين، الذي توسع إلى احتلال كل فلسطين.
الاستخفاف العربي بأهداف اليهود منذ أحداث حائط البراق عام 1929م في مدينة القدس كان ـ للأسف المؤلم والممض ـ استخفافا أدخل العرب إلى غفلة ونوم أهل الكهف؛ ذلك لأن الأمة خدعت بأن هؤلاء اليهود، الذين هاجروا إلى فلسطين بقوة الانتداب البريطاني دفع أحد رؤساء الحكومات العربية إلى استهجان ما جرى من اشتباكات بين العرب واليهود لأجل حائط يقع غرب القدس ... وخاطب رئيس الحكومة الوفد الفلسطيني، الذي ذهب طالبا للعون، موجها كلامه لرئيس الوفد الحاج محمد أمين الحسيني .. "أعطوهم الحيطة يا حج يخبطوا روسهم فيها وما جرى من مشاكل مع اليهود لا يستاهل كل ما جرى".
فرد رئيس الوفد الفلسطيني: "يا دولة الرئيس، اليوم مجرد حائط، لكن ما سيجري غدا، سيحول فلسطين كلها إلى حائط لليهود، نضرب نحن العرب رؤوسنا به".
وهذا ما يجري اليوم، اليهود في فلسطين يمارسون كل أساليب الإحلال البشري، والديني، والإنساني، فوق كل شبر من فلسطين، من رأس الناقورة في الشمال، إلى ميناء أم الرشرش في الجنوب، مرورا بالقدس وبالأقصى الذين يخططون لهدمه.
بالتأكيد ستفشل المفاوضات، والأمر ليس ضربا في الرمل، وهنا نسأل: هل يقول أحد لنا هل ثمة تفسير آخر لإقرار "إسرائيل" ببناء 887 وحدة استيطانية في المستوطنات.
"إسرائيل" تفعل كل شيء كي تثبت سيطرتها على الأرض من جانب واحد، إلا أنه لا شيء ولا أي قوّة في الدنيا تفرض على الفلسطينيين، الموافقة لإسرائيل بالاعتراف لها بدولة "لليهود" في فلسطين.
أيها الفلسطينيون ارفضوا ما يخطط له اليهود؛ ذلك أن التاريخ علمنا أن مكانهم ليس هنا، بل في مواخير وحواري وتجار الجنس في أوروبا .. وصدقوا الوعد أن على اليهود وأمثالهم وأصدقائهم ستدور الدوائر.

مفيد عواد كاتب فلسطيني